06 نوفمبر 2025

تسجيل

أول عروسين يحفظان القرآن الكريم في قريتنا..

26 أغسطس 2023

لم يحظَ «وسام»، ذو الثمانية عشر عاماً، بأي فرصة لدخول المدرسة في قرية «الشعفة» الواقعة على ضفاف الفرات شرق سوريا، بعد أن دُمرت المدارس، وتوقفت العملية التعليمية نتيجة للحرب والظروف الاستثنائية التي مرت بها سورية طيلة الاثني عشر عاماً الماضية، ولو أنه درس وأكمل تعليمه، مثله مثل كل أطفال العالم، لأصبح الآن على أبواب المرحلة الجامعية، لكن هذه مشيئة الله – سبحانه وتعالى - وهذا حال أطفال سوريا عامة، ونسأل الله أن يخلف عليهم خيراً (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) - [النساء:19]. في ظل هذه الظروف المأساوية وحرمان هذا الجيل من التعليم، تضافرت جهود أبناء قرية «الشعفة» التي اشتهرت بالأعمال الخيرية والمبادرات الاجتماعية الفاعلة، وتم بفضل الله تأسيس مركز لتحفيظ القرآن الكريم على نفقة أبناء القرية المغتربين، وانخرط فيه مئات الأطفال ليتعلموا القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم، وحفظه وأصبحت المساجد تلعب دور (الكُتّاب) كمؤسسة تعليمية ودينية، كما كان يحصل في عصور إسلامية سابقة، ومن بين تلك المساجد مسجد «قباء» الذي أصبح وسام خطيباً فيه بعد أن أكرمه الله تعالى بحفظ القرآن الكريم كاملاً، بعد أن عانى من فقد أخيه الأكبر محمد (رحمه الله) وحُرم من العيش مع والده المغترب، باستثناء شهر واحد يسره لجمع الشمل في تركيا خلال رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الحدود السورية-التركية سنة ١٩٩٦ ليلتقي في مدينة شانلي أورفا ولمدة شهر واحد مع والده وبقية أفراد عائلته (الصورة المرفقة لوسام مع والده في منطقة أورفا - تركيا ١٩٩٦)، وعندما أراد قبل سنة من الآن أن يتزوج، على الرغم من صغر سنه، حاول والده أن يثنيه عن فكرة الزواج المبكر، لكنه كان حاسماً ومصراً على أن يستكمل دينه ويرتبط بمن تكافئه بحفظ القرآن، ولم يترك لوالده عذراً للانتظار، فكان له ما أراد وأقيم أول عرس في قريتنا لعروسين حافظين لكتاب الله تعالى، ومنذ أيام رزقهما الله بمولود ذكر أسمياه (ياقوت) وقال وسام لوالده مازحاً: إذا رزقنا الله بمولود آخر أو بنت سوف نسميها «مرجان»، ومن المعلوم أن هذه الأسماء مأخوذة من قوله تعالى في سورة الرحمن (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ). وبفضل الله حاز وسام مؤخراً على المركز الثاني في مسابقة حفظ القرآن الكريم كاملاً، والتي أقامها معهد السراج المنير في بلدة «أبو حمام» المجاورة وهي إحدى قرى أبناء عمومتنا الشعيطات الكرام، وهو الآن مع زوجته يقومون بتحفيظ القرآن الكريم للبنات والأولاد في مسجد «قباء» ضمن الدورات المجانية التي يقيمها معهد الشعفة لتحفيظ القرآن الكريم ولسان حالهم يقول «زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون».