08 نوفمبر 2025
تسجيل4 مليارات دولار الأموال المتوقع أن تجمعها أوروبا من ضريبة كربون الأجواء التزمت معظم شركات الطيران في العالم بضريبة الكربون في الأجواء التي فرضها الاتحاد الأوروبي من جانب واحد على شركات الطيران المستخدمة والعابرة للأجواء الأوروبية ابتداء من أول يناير الماضي 2012، حيث رفض العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين والمملكة العربية السعودية هذه الضريبة، إلا أن الحكومة الصينية وحدها طلبت من شركاتها عدم الالتزام بهذه الضريبة، مبررة ذلك بالتصرف الأحادي الجانب والذي تم خارج نطاق الاتفاق داخل الاتحاد الدولي للنقل الجوي " الأياتا". الغريب أن الاتحاد الأوروبي التزم الصمت على غير عادته في مثل هذه الأمور، إذ ما زالت شركات الطيران الصينية تعبر الأجواء الأوروبية دون دفع هذه الضريبة، في الوقت الذي أخذت فيه ضريبة الطاقة أو ضريبة الكربون في الأجواء الأوروبية تثقل كاهل شركات الطيران الأخرى، بما فيها والعربية والتي أحالت هذا العبء الجديد إلى المسافرين من خلال إضافتها على تذاكر السفر إلى القارة العجوز وما وراءها من بلدان في الأمريكتين. ويفسر الصمت الاتحاد الأوروبي بحاجته الماسة إلى المساعدة الصينية في مجالات أهم وأكثر حيوية، حيث حاولت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في زيارتها للصين بداية الشهر الجاري إقناعها بالمساهمة في مساعدة منطقة اليورو على الخروج من الأزمة الطاحنة التي تتعرض لها في الوقت الحاضر، وبالأخص ديون كل من اليونان وإيطاليا، حيث أعربت الصين مؤخرا عن استعدادها لمساعدة البلدان الأوروبية والتي ترتبط معها بعلاقات اقتصادية وتجارية وثيقة. والواقع أن أوروبا تبحث عن الأموال بشتى الطرق، فقبل ضريبة الكربون في الأجواء بحجة التلوث، قد رفعت البلدان الأوروبية في الأعوام الثلاثة الماضية بصورة كبيرة رسوم إصدار التأشيرات والتي ارتفعت بالنسبة للتأشيرة البريطانية وحدها ثلاثة أضعاف دون مبررات موضوعية. ويشبه هذا التوجه إلى حد بعيد وضع حصالة كبيرة على طول القارة الأوروبية، على أن يضع كل مسافر حتى إذا لم ينزل أحد بلدان الاتحاد الأوروبي، وإنما هو مجرد عابر في طريقه إلى وجهات أخرى، عليه أن يضع مبلغا يتراوح ما بين 4-5 دولارات في الحصالة الأوروبية. ويتوقع أن تجمع أوروبا مبلغا يتراوح ما بين 3-4 مليارات دولار من ضريبة كربون الأجواء، وهو مبلغ كبير تعتبر أوروبا في أمس الحاجة إليه للمساهمة في حل أزمتها المالية وأزمة قروضها المستفحلة، مما يعني أن هذا الأمر لا يتعلق بموضوع البيئة وحمايتها من التلوث، كما يدعي الاتحاد الأوروبي. ولو كان الأمر كذلك لسعت أوروبا التي تتزعم وتحدد الكثير من التشريعات العالمية إلى التعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي وحاولت استصدار قرار دولي بفرض هذه الضريبة في كافة البلدان، فموضوع البيئة لا يخص قارة بعينها، وإنما هو قضية تخص الإنسانية والتنمية المستدامة في كافة البلدان الغنية منها والفقيرة.، خصوصا أن هناك محاولات للاتفاق حول هذه الضريبة في نطاق المنظمات الدولية. لقد كان ذلك هو التوجه الذي قادته أوروبا قبل أكثر من عقد من الزمن عندما تزعمت بلدان العالم لتوقيع اتفاقية "كيوتو" للانبعاثات الكربونية الضارة بالمناخ والتي اتخذت طابعا عالميا، إلا أن أوروبا في ذلك الوقت لم تكن في أزمة، بل على العكس من ذلك كانت في أوج انتعاشها الاقتصادي وفي ذروة نشوتها بإصدار عملتها الموحدة. والسؤال المهم المطروح هو: إلى أي مدى ستستمر الصين في التغريد خارج نطاق الضريبة الأوروبية؟ هل سينتهي ذلك مع انتهاء أزمة ديون الاتحاد الأوروبي؟ أم أن الصين ستجر معها بلدانا أخرى، بما في ذلك أوروبية، كروسيا للوقوف في وجه ما تعتبره تصرفا أوروبيا يرمي إلى تحميل شعوب وشركات الطيران في العالم جزءا من الأعباء المالية الناجمة عن أزمات خلقها الأوروبيون أنفسهم ولا دخل للآخرين في وجودها. الوقائع تشير إلى أنه ستكون هناك عملية شد وجذب ستحكمها المصالح بصورة أساسية، بل إنها قد تخضع للمساومات بين أكثر من طرف، أما استمرار الاستثناء الصيني من الضريبة الأوروبية وتحليق طائراته بكل حرية في أجوائها، فإنه أمر غير مقبول ويحمل الكثير من الغبن لشركات الطيران الأخرى، كما أنه يمس مصداقية الاتحاد الأوروبي ذاته الذي عادة ما يشير دائما إلى حرية الأسواق والمنافسة العادلة.