17 نوفمبر 2025
تسجيلأبسط ما يقال عن الشخص قليل المروءة: "رخمة" هذا النعت استخدمه العرب في وصف بعض أنواع الصقور أو النسور التي لا يرجى منه نشاط ولا انتاج، بل بالعكس يمكن أن يكون عبئًا على صاحبه وعلى المجموعة. إذا واجهت شخصا يشذ عن الجماعة في تفكيره وسلوكه فهو "رخمة"، وإذا واجهت شخصا لا يمكنك الاعتماد على قدراته فهو "رخمة"، وإذا كانت "الهقاوي" في شخص ما صادمة فإنه يتحول إلى "رخمة". الأحداث الأخيرة في فرنسا كشفت عن نوايا غير طيبة تجاه المسلمين في التحريض على مقدساتهم أو المساس بمشاعرهم، وأعتقد أن مثل هذا الفعل مدروس ومقصود للفت أنظار العامة عن مخاطر أكبر ودسائس أقذر، وليس أكثر طعنا في خاصرة الأمة عام 2020 من التطبيع. رخوم اجتمعت مع رخوم ساعة تأمل يحتاجها كل واحد منا للنظر بعمق إلى أحداث حياته السابقة والحالية، كم من الرخوم واجهت؟ كم من الأشخاص خذلوك في مواقف كنت متأكدا من وقوفهم معك فيها.. لكنك تفاجأت بالعكس؟ كم من الأحداث كشفت لك معادن الناس الأصيلة والمزيفة؟ هذا ما دعا الامام الشافعي لقول قصيدة طويلة منها: جزى الله الشدائد كل خير ** وإن كانت تغصصني بريقي وما شكري لها حمدا ولكن ** عرفت بها عدوي من صديقي ما زلت أتذكر موقف الرئيس الفرنسي بالأمس القريب وهو يربت على كتف إحدى اللبنانيات مطمئنا لها بعد أحداث انفجار الميناء، ويقدم لها العهود والوعود أمام وسائل الاعلام بأنه الصديق الذي لن يتخلى عن صديقه، واليوم كشف عن وقاحته بالسماح للصور المسيئة لرسولنا الكريم أن تعرض في الساحات العامة في مدينة باريس العاصمة، تتوقعون وش يبي بالضبط؟ اللبيب بالإشارة يفهم. هذا الفرنسي او من يعتدي على الرسول لن يسلم من عقاب الله، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - له رب تعهد بالدفاع عنه فقال - تعالى - (إنا كفيناك المستهزئين)، ولأن الإسلام دين كلما هوجم زاد أتباعه، لكن المشكلة إذا كان "الـرخـمـة" منك وفيك هنا العلة الكبرى، أين من يدعي القيادة الإسلامية في العالم؟ ماذا هو صانع تجاه تلك الحماقة الفرنسية؟ أين المسلمون ممن يملك مصادر القوة الاقتصادية في العالم ويتحكم بها؟ ماذا عساه أن يفعل أمام الإفلاس الفكري الفرنسي؟. خلال الأحداث المتسارعة أصبحت لدينا مناعة من أي صدمة مهما كان نوعها، لأن في كل عصر تضعف فيه الأمم يوجد من بين جلدتها من الخونة "الرخوم" من يساعد أعداءها على سقوطها مقابل حفنة من المال أو الوعود بالكرسي، مثل هذا النوع من البشر زادوا في الوصف: الجبن والخوف وقلة المروءة وعداوة النفس، بل وحتى أقل أنواع الطيور في معرض سهيل ـ الذي انتهى أمس في كتارا ـ يعتبر أشرف منهم، بالله عليكم هل نحتاج فقط إلى ساعة تأمل واحدة في الأحداث؟ لا ورب الكعبة. لو أزال الفرنسيون الصور المسيئة وقدموا اعتذارا عاما عن "سوء القصد" أو "سوء الفهم"، ماذا عسانا أن نستفيد من الدرس؟ هل أكلنا الطعم ووجهنا طاقاتنا بعيدا عن أحداث وممارسات واتفاقات تدور في الخفاء؟. ستعود المياه الى مجاريها، وكأن شيئا لم يكن، ويكون قد تحقق الهدف من هذه الضجة المفتعلة، في المجالس والدواوين، الكل يشجب ويحلل ويستنكر، ثم يقاطع لبعض الوقت شراء العطر الفرنسي الذي تعود عليه، أو الشنطة ذات الماركة الفرنسية التي ترغبها زوجته، هذا أقصى ما يمكننا فعله مثلما فعلنا منذ سنوات عدة مع رسام الكاريكاتير الدانماركي. ثم ماذا بعد؟ لا شيء. طلب بسيط إلى أصحاب الشأن أن يتم تدريس هذه الإساءات في مناهجنا ولا نخجل من ذلك، بدلا من أن تقوم دول خليجية بمسح فقرات ودروس كاملة من مناهجها استعطافا لحب الكيان الإسرائيلي، والله لتسألن يومئذ عنها يوم القيامة. آخر المطاف: في مواقع التواصل الاجتماعي حملات كثيرة على مستوى العالم الإسلامي ضد أحداث فرنسا الأخيرة، ولكن على رسلكم.. فكثير من السلوكيات يقوم بها إخواننا وأبناء جلدتنا ما هو مؤلم أيضا وعلة داخل القلب. للتفكر فقط همسة: الدنيا مدرسة كبيرة مهما تفوقت فيها لن تأخذ إلا شهادة وفاة. دمتم بود. [email protected]