16 نوفمبر 2025
تسجيلدقائق قليلة أمام أي محطة تلفزيونية، أو سفرة قصيرة خارج البلد، أو زيارة مجلس أو ديوان لبعض الوقت أو حتى الدخول الى المجمع التجاري كلها تقدم لنا دروسا وخبرات. ففي كل مرة نواجه مواقف جديدة في الحياة الأسرية أو الاجتماعية أو محيط العمل نتعلّم فيها شيئاً جديداً، يُكوّن دماغنا روابطَ جديدة، ويجعلُ المسارات العصبية الموجودة أقوى، فتعمل كلُّ خلية عصبية كالبطارية، ترسل الإشارات الكهربائية من الحواس إلى نهاية المحور الناقل أو ما يسمى بمحور الخلية حتى نهاية التشجرات، فتقوم بتفريغ الشحنة الكيميائية في أكياس هي "نقاط التشابك العصبي" الموجودة في نهاية المحور لتخزينها في الذاكرة وفقاً لأهميتها، وكلما زاد الإنسان في تواصله مع البيئة المحيطة به عبر (تعلم خبرات ومهارات جديدة، أو قراءة كتاب، أو التواصل الاجتماعي) زاد التشابك في الخلايا العصبية. وكلما تكررت الاتصالات ذاتها بين الخلايا ترسخت مادة التعلم لدى الإنسان، وكلما تعلم الإنسان شيئاً جديداً عن موضوع ما أو مهارة جديدة كالرسم أو الشعر أو الخياطة أوالعزف على أحد الآلات الموسيقية نَمَتْ ارتباطاتٌ جديدة. كون المرأة العاملة أثبتت جدارتها في الكثير من المجالات الوظيفية فهل الفروق التشريحية بين الرجال والنساء تمتد إلى أدمغتنا؟ في الحقيقة وجدت أكبر دراسة تصوير دماغي من نوعها بعض الأنماط الخاصة بالجنس، ولكن كانت وجوه التشابه أكثر من وجوه الاختلاف مما يثير الجدل حول كيفية تأثير الاختلافات الدماغية بين الجنسين على الذكاء والسلوك. وعلى مدى عقود، لاحظ علماء الدماغ أنه في المتوسط، تميل أدمغة الذكور إلى أن يكون حجم دماغها أعلى قليلاً من أدمغة الإناث، وأن جمجمة كل من الرجال والنساء متشابهة. ومؤخرا توصل باحثون بجامعة ادنبرا - بعد دراسة طبية حيوية طويلة لعدد 2750 امرأة و 2466 رجلا- إلى أن النساء لديهن قشرة الدماغ (الطبقة الخارجية المجعدة) أكثر سمكا من الرجال. هذه القشرة مهمة في الوعي واللغة والذاكرة والإدراك. وبالنسبة للمناطق تحت القشرية فإن حجم دماغ الرجال أكبر نسبيا. ألا تستدعي مثل هذه الحقيقة أن تأخذ المرأة حيزها الصحيح في إدارة المجتمعات المدنية؟ ألم يحن الوقت أن تقود المرأة الإدارات المختلفة المناسبة لميولها واهتماماتها وابداعها بشكل أكبر مما هو عليه الآن؟ بالنسبة للمرأة فإن التقلبات الهرمونية تؤثر على هيكل الدماغ لديها. وهذا قد يعطي عذرا للمرأة العاملة في فترات زمنية محددة للاستراحة والابتعاد عن العمل من أجل زيادة العزم وترتيب الأوراق وشحذ الهمة للفترات اللاحقة. إن المرأة العاملة لديها طاقات جبارة وقدرات عقلية غير منتهية يجدر بنا استثمارها من منطلق الاستفادة من جوانب القوة لدى دماغ هذه المرأة. وكون المرأة لديها تنوع واسع من أنماط التفكير فإنها تصلح للعمل الشمولي في كافة المجالات الحياتية؛ القيادية منها أو التنفيذية أو الابتكارية. وبالرغم من الاختلافات التكوينية في الدماغ بين المرأة والرجل إلا أن من سعادة الرجل أن يتيح للمرأة الأعمال المختلفة المناسبة لها ويعمل على تمكينها وتميزها. إن أقسام التفكير لدى المرأة تترك مساحة من التأمل لدى متخذي القرار في تمكينها لتكون متساوية مع الرجل في عطائها للوطن. إن الانطباع السائد عن عاطفية المرأة مردود عليه من خلال تفحص ودراسة عمل دماغ المرأة وتركيبه. وهذا قد يجعلنا نتوقف عند القدرات المهدرة الحقيقية للمرأة في العالم بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص دون أن يتم استثمارها. هذا الفقد الخفي تكون مسؤوليته على عاتق متخذي القرار الذي يخفى عليه تركيب دماغ المرأة وبوصلة تفكيرها. آخر المطاف: هل يمكن أن تكون بطاريات مهارات التفكير ومقاييس الدماغ أحد المعايير الرئيسية التي يتم الاستناد عليها في توظيف المرأة في القطاعين الحكومي والخاص؟ وهل يمكن إلقاء الضوء على توعية الناشئة في النظام التعليمي على أنماط التفكير المختلفة بما يحقق التكامل في تنمية المجتمع؟ هذه بعض التساؤلات التي قد تفتح رؤى مستقبلية نحو البحث الحقيقي والخطوات الجادة لدى متخذي القرار وصانعي التغيير. همسة: التراكمات قد تجعل الشخص يقسو رغم لين قلبه أو يكابر رغم شدة حبه. دمتم بود [email protected]