06 نوفمبر 2025

تسجيل

العمل كفريق وتطبيقاته في المؤسسات والشركات المحلية

24 سبتمبر 2020

العمل الجماعي أو العمل كفريق Team Work هو أسلوب حياة قبل أن يكون منهجية عمل في المؤسسات والشركات والفرق الرياضية، فهو عبارة عن نظام علاقات منهجي يتّبعه مجموعة من الأفراد الذين يعملون معاً لتحقيق هدف مشترك، في ظل بيئة متعاونة بدلاً من العمل بشكل انفرادي ومستقل. وعند الحديث عن العمل الجماعي فإن ذلك يقودنا بالضرورة إلى مزاياه ومخرجاته التي تتمثل في زيادة الكفاءة والإنتاج ورفع مستوى الإنجاز والوصول إلى الهدف المشترك. وعليه فإن إدراك أهمية العمل الجماعي في عصرنا هذا ومعرفة آلياته وتطبيقه بالشكل الصحيح في المؤسسات العامة والخاصة بات أمراً ضرورياً لتحقيق التميّز المؤسسي، الأمر الذي ينعكس على تحسين بيئة العمل ورفع الروح المعنوية وزيادة الابتكار. وفي إطار الحديث عن العمل كفريق فإن ذلك بالضرورة يؤدي إلى الحديث عن استدامة المؤسسات organizational sustainability وتطورها وقدرتها على مواجهة التحديات والمتغيرات التي أصبحت تغييرات متسارعة في عالم اليوم أكثر من ذي قبل، وذلك نتيجة للتقدم التكنولوجي وأتمتة العمليات وتغير أنماط الاستهلاك والانتاج والاستثمار الذي أدى بمجمله إلى تغير السلوك البشري. وجميعنا لمسنا كيف أن العمل كفريق كان إحدى الآليات المهمة التي تميزت بها مؤسسات ودول وفشلت بها أخرى خلال أزمة كورونا، حيث تبدت أهمية العمل كفريق وتشكيل فرق العمل ولجان متخصصة لوضع خطط لمواجهة الأزمات مثل خطط استمرارية الأعمال BCP ونوع الخطط الاحترازية على المستوى العام وخطط التنسيق بين الإدارات وتواصل الموظفين والإشراف على انسيابية العمل والإشراف على تنسيق العمل مع الأطراف ذات الصلة من موردين ومستهلكين وعملاء وغيرهم على المستوى الأدنى. وعلى مستوى الدولة نلاحظ أهمية العمل كفريق بين الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وذلك بهدف تجنب ازدواجية المهام وتقليل التكاليف والابتعاد عن البيروقراطية. ويقوم العمل كفريق على عدة مبادئ مثل توفير البيئة التشاركية Ecosystem التي تقوم فيها كل جهة بالقيام بجزء من العمل حسب تخصصها وخبراتها بما يساعد على تركيز العمل وتوفير الوقت. ومن الأمثلة على العمل كفريق ما يعرف بنظام النافذة الواحدة لتقديم الخدمات Single Window. ويساعد العمل كفريق على تجنب التفرد في السلطة والصلاحيات واستغلالها للمصالح الفردية ويعزز المشاركة، حيث تسمح القيادة الديمقراطية بمشاركة أعضاء الفريق في عملية اتخاذ القرار والتخطيط ووضع السياسات. وعلاوة على أن القائد الجيد هو الذي يحسن اختيار أعضاء الفريق وتحديد مهامهم والحصول على أحسن ما لدى الفريق من أفكار وإبداعات كما أنه مدرك أنه بالأساس مجرد عضو في فريق متكامل. والقائد الجيد هو من يهتم بعملية التحفيز والمتابعة الدورية للإنجاز والإشراف على التواصل الفعال بين أعضاء فريق عمله، وهو الذي يعلم أن التحفيز هو مفتاح الإبداع الذي يعلم أن انكفاءه على نفسه وعدم اطلاعه على تفاصيل سير العمل وانجازات كل عضو في الفريق وعدم إدراكه للمخاطر والتخطيط لمواجهتها سيؤدي في النهاية إلى زيادة التكاليف والخسائر وزيادة احتمالية التعرض للمخاطر الرئيسية التي تواجهها بيئات العمل مثل مخاطر الهجمات الالكترونية، ومخاطر توقف الأنظمة الرئيسية في العمل وتأثر العمليات بانقطاع سلاسل التوريد وتأثرها بالأزمات العالمية والتغييرات الجيوسياسية وغيرها من المخاطر التي قد لا يسعنا ذكرها في هذا المقال. وكما أنه من أهم الايجابيات، العمل كفريق على القضاء على استغلال السلطة والمنصب فإنه يشجع الموظفين ويحفزهم على المزيد من الأداء،لأنهم يعلمون أن الإنجاز والإبداع سيأخذ مكانه من التقدير بدلاً من الاستعداء والإقصاء. وعادة ما يعمل القائد المميز أو المدير الناجح على تشجيع الإبداع بفريق عمله، وبذلك هو لا يقيد المبدعين أو يفرض حدوداً للابتكار. وتعمل الشركات الناجحة على توفير مناخ جيد لموظفيها يساعدهم على العمل بجد طيلة الوقت، والتفكير وابتكار أشياء جديدة، بل إن بعض المؤسسات توفر لموظفيها إمكانية العمل على مشاريع جديدة مبتكرة منهم في مجالها والعمل على تمويلها. ويساعد العمل كفريق على زيادة الابتكار وتشجيع الابداع والافكار الخلاقة عندما يصبح فريق العمل أكثر كفاءة وقدرة على ايجاد الحلول الإبداعية لكل مشكلة تواجهه، كما يعمق العمل كفريق من الشعور بالانتماء والتقدير ويحسن المعنويات إذ عندما يشعر الفريق بالتقدير والإنجاز فإنه ينسى التعب والمشاعر السلبية والإجهاد عندما يتشاركون أعباء العمل بكل رضا وقبول. وهذا ما يميز المدرسة اليابانية في الإدارة التي أفرزت موظفين منتمين لمؤسساتهم ومؤسسات منتمية لموظفيها. ويشجع العمل كفريق على جذب المواهب خصوصاً إلى الشركات التي أصبحت قادرة على تحقيق الربحية مع زيادة ابتكاريتها وارتفاع انتاجيتها وانتماء موظفيها وزيادة ولائهم للعمل. وتتنافس كبريات الشركات خصوصاً في القطاعات التكنولوجية على استقطاب كفاءات مبدعة تعمل كفريق واحد وتحقق ريادة عالمية للشركة ترتفع معها القيمة الرأسمالية للشركة إلى أرقام كبيرة. وفي النهاية أود أن أشير إلى أن أسلوب العمل كفريق بات ضرورة حتمية في عملية التحول الاقتصادي التي تشهدها قطر، خصوصاً مع إنشاء العديد من الشركات والمصانع في كافة القطاعات في إطار عملية التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على القطاع الهيدروكربوني وهي أهداف تصب جميعها في رؤية قطر الوطنية 2030. bu7amad204@ [email protected]