16 نوفمبر 2025

تسجيل

في عيد الفطر نقول: مهلا كورونا.. على رسلك

24 مايو 2020

لقد عشنا رمضان مختلفا هذا العام في ظل جائحة كورونا، وأسهم الحجر المنزلي في تكوين عادات وسلوكيات جديدة عند الناس. نعم عند كل الناس. لقد زاد التعاون بين أفراد الأسرة وأصبح الرجال والأطفال والنساء يسهمون حتى في تحضير الوجبات ؛ بل أبدعوا فيها، وساعد الأبناء أبويهم في تدريس إخوانهم سواء مباشرة أو أونلاين. واشترك الجميع في تنظيف وترتيب المنزل، وأدت قلة أو سفر أو حجز العمالة الوافدة إلى زيادة تطوع الأبناء والبنات في الأنشطة العامة. أقول لكورونا.. تمهل حتى نتأكد أن علاقة الأب بأبنائه قد زادت كما زادت علاقة الزوجين بعضهما ببعض، فقد أصبح الأبناء الآن أكثر قربا وتفهما لبعضهم البعض، كما زاد التقدير والاحترام في البيت في وضع أضحى معه الأب أكثر جلوسا مع أفراد العائلة مقارنة عما كان من قبل. وأصبح بعض الآباء يتفنن في الألعاب الجماعية مع عياله ويقص عليهم الأحاجي والألغاز. تمهل كورونا فنحن نستمتع بممارسة الرياضة المنزلية مع بعضنا، وزيادة المشي على الأقدام في ظل قلة استخدام السيارات، ونسعد برؤية انتشار سيارات الشرطة والأمن كثيرا في الشوارع مما يعطينا شعورا أكبر بالأمن، كما أصبح لدينا الوقت الوفير لتدارس القرآن والتأمل فيه. معك يا كورونا لم تعد تستهوينا أخبار وتطورات مشاهير وسائط التواصل الاجتماعي ( فاشينيستا ) وصرنا نركز على المقاطع الدينية التي تريح النفس وتبعث الطمأنينة. وأصبح الناس كبيرهم وصغيرهم أكثر اهتماما بالتقارير الإخبارية حول حملات الخير والتطوع. ومع هذه الجائحة أصبحت الأسر تهتم بشراء الأساسيات ولم تعد تهتم بالبحث عن أسماء الماركات العالمية، وأصبح المستهلك أكثر وعيا في شراء البضاعة الجيدة وذات السعر الأرخص فقلت المصاريف الشهرية بشكل ملحوظ. وازدادت صور التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع ومؤسساته فها هي اللجان الخيرية تعمل على قدم وساق في ظل تأمين متطلبات من فقدوا عملهم بشكل مؤقت، وهاهم المواطنون يصرفون مرتبات المستخدمين أو الموظفين لديهم بالرغم من انخفاض الإنتاجية. يا الله ما هذا التأثير السحري يا كورونا؟؟؟ ولا أخفيك سرا – يا كورونا - أن هناك من الأسر من فكر بزراعة الخضراوات في المنزل بعدما نقصت قليلا في السوق المحلي، كما اطمأنت الأمهات على أبنائهن من حركة السيارات الطائشة كما كانت في سيلين، ولا يوجد من الأبناء المراهقين من يقضي ساعات طويلة خارج المنزل ويقلق عليه الآباء. وأصبح البيت أكثر أمنا من دخول اللصوص لتواجد الجميع فيه باستمرار. أعجبني أحد كبار السن في منطقة معيذر عندما تحدث لي مسرورا أنه أصبح مستخدما جيدا للتكنولوجيا وتطبيقات الهاتف الجوال بيده. نعم لقد أصبحت الأسرة أكثر ألفة مع الشراء الإلكتروني ( أون لاين ) وزاد استخدام البطاقات البنكية بدل العملة الورقية وأصبح التواصل مع الأصدقاء والأقارب يتم عن طريق الإنترنت. وإلى الآن ترن في أذني صيحة أحد أبناء صديقي في منطقة أزغوى يقول: عمي أبشرك أبوي صار يلعب معانا ألعاب بليستشن.. لا وصار فنانا مثلنا بعد. النسيج الاجتماعي الذي أثر فيه من كورونا والحجر المنزلي، له جوانب قد لا نكون اعتدنا عليها مثل مراسيم الزواج أو طقوس الدفن والعزاء لكنها بالنهاية مشت الأمور وتمت. فضلا عن مظاهر البذخ التي اختفت في الاحتفال بالمواليد الجدد والتكاليف المادية المترتبة عليها. لقد استمتعت وأنا أتابع مناقشات علمية لرسائل الماجستير وأنا جالس في البيت، وأرى حفلات التخرج البسيطة تتجلى فقط في إعلان أسماء الخريجين من قبل المتحدث الرسمي للجامعة ويقابلها الطلاب الخريجون مع ذويهم في بيوتهم وهم يصرخون فرحا ويصفقون، كما حدث في تخريج دفعة من كلية الطب في أيرلندا الشهر الماضي. أقول لكورونا قبل الرحيل مهلا كي نكمل إعادة برمجة حياتنا نحو الأفضل. فنحن كمسلمين نؤمن أن وجودك معنا هو سبب من الله. ومن لم يتغير في هذه المحنة فليعد النظر في داخله. لو تفكرنا قليلا نتساءل: أين اختفى المجاهرون بالاحتفالات الصاخبة في المناطق المقدسة، وكيف تم إلغاء احتفالات هلا فبراير ولماذا تحطمت كل المظاهر الزائفة في معارض أكسبو؟ هي دعوة للتأمل فقط. آخر المطاف: لو تعود بي الأيام فلن أقبل لابني إلا أن يلتحق بكلية الطب لأن هناك جنودا يعملون بصمت خلف الكواليس كي ينعم الجميع بالرفاه والأمن والصحة. رب حقق مبتغاهم. وعيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم. [email protected]