17 نوفمبر 2025

تسجيل

التـعـلـيم بالـمـوقـف – قضية فلسطين

23 مايو 2021

تختلف طرق وأساليب التربية والتعليم على مر العصور، وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم معلما ملهما استطاع أن يبني أمة، ويؤسس مدرسة، وظهرت العلوم الحديثة بأسماء علماء ونظريات وتطبيقات عملية كان للتربية نصيب وافر منها. من الطرق الأساسية في التأصيل والمؤثرة في التقويم التربوي: التعليم بالموقف، وهو استغلال الموقف الآني لحدث ما لتقديم الحقنة التربوية المناسبة للطفل من أجل استيعاب الدرس المراد تلقينه إياه في ذات الوقت، فلو كنت في نزهة مع أفراد العائلة، وحدث أمامكم موقف يستحق الحديث حوله، فالمناسب أن يقوم الأب أو الأم بتقديم النصائح والإرشادات المتعلقة بذات الموقف، وتفصيل ما يجب علينا كمسلمين فعله تجاه هذا الموقف، ولا يجب تأجيل الحديث حوله لاحقا. القضية الفلسطينية قضية الأمة، ولا تخلو الكتب والمناهج الدراسية من شرحها وبيانها للطلاب في المراحل التعليمية المختلفة في كافة الدول العربية، بل وما زلت أحفظ القصيدة الجميلة التي مطلعها (يقولون كان فتى لاجئا الى خيمة في الربى مشرعة) وأذكر غيرها من القصائد الحماسية أو التعاطفية أو حتى قصائد الرثاء التي كانت تسلط الضوء على الحق الفلسطيني المسلوب، ولكن: هل التعليم التقليدي لموضوع القضية الفلسطينية كاف؟. من أندر الفرص التي يمكن أن يستثمرها المربي والمعلم والوالدان في الفترة الحالية هي فرصة الانتفاضة الشاملة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، المثال واقعي وحي وفرصة رائعة لتعزيز القيم التي يجب أن يتربى عليها أبناؤنا، فالشعور بالظلم مكروه لا يجب أن نشعر به كما لا يجب أن نمارسه على غيرنا كما جاء في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما). كما أن نصرة الحق وقول الحق من القيم المهمة، والتكافل بين المسلمين من القيم الملحة، والاحتفاظ بالهوية من القيم الأصيلة، لنعلم أبناءنا التاريخ بأن الناس في فلسطين يتم اخراجهم بالقوة من منازلهم كي يسكنها الإسرائيليون أو يهدموها، وأن العدوان على غزة له تواريخ فاصلة 2008، 2012، 2014، 2000 وأن محمد الدرة بطل صغير وأن الانتفاضة الأولى 1987، واحراق الأقصى كان 1969، وأن عام النكسة 1967، بينما عام النكبة 1948. في الوقت الحالي، لقد ساعدت وسائل الاعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والتقنية في سهولة الاطلاع على مجريات الأحداث أو تحليلها أو سرد الوثائق التاريخية أو تحليل المؤتمرات العربية أو الدولية ذات الصلة، على الآباء والمربين استغلال تلك الوسائل لتحقيق الأهداف التربوية في تمكين الأطفال من فهم أعمق للقضية الفلسطينية وبناء اتجاه إيجابي نحوها. يمكن للمربي أن يقوم بأنشطة كثيرة في هذ الأيام وتختلف هذه الأنشطة بدرجتها ومستواها باختلاف عمر الطفل، مثال: الحديث الجماعي على الغداء أو العشاء حول مجريات الأحداث كقضية ساخنة، فضلا عن نشاط رسم المسجد الأقصى وتلوينه سواء على الورق أو عن طريق الآيباد. تخصيص جزء من فلوس العيدية للتبرع بها للجهات الرسمية لتوصيلها لإخواننا في فلسطين. تأليف قصص طفولية ترويها الأم حول الأحداث في فلسطين بطريقة إبداعية تمتاز بالخيال وتهدف إلى بناء القناعات ضد المغتصب. التعاون مع الأبناء في تأليف قصيدة حول الأحداث أو حول مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم. دفع الأبناء لكتابة مقال صحفي يصف موقفا محددا رآه في وسائل الإعلام، تعزيز مهارات الأبناء في الخطابة والإلقاء للحديث عن آلام الفلسطينيين بشكل دوري بين الإخوة والأخوات، تصميم نماذج للكوفية أو للملابس التقليدية الفلسطينية وتعليقها في لوحة جدارية مناسبة. تحديد يوم اسبوعي لإحياء الأكلات الفلسطينية كالزيت والزعتر والزيتون في الفطور والفريكة للغداء والفواكه والحمضيات المختلفة للعشاء. وهناك العشرات من الأنشطة التعليمية المناسبة التي يمكن أن تضاف لهذا الموقف الحالي بسهولة. الجهود التربوية في هذه الأيام في التوجيه والتركيز حول أبعاد الظلم الدولي على إخواننا الفلسطينيين، سيخلق قناعات ثابتة لدى النشء بأحقية هذه القضية، وستوفر عناء شرح أبعاد الموقف للأجيال القادمة. التربية بالموقف هي ثروة وفرصة وفرض عين. آخر المطاف: أثبتت دولة قطر وبعض الدول العربية موقفا مميزا في دعم القضية الفلسطينية على مر السنوات، وبرزت جهود قطر (كعبة المضيوم) في الأزمة الحالية بشكل غير مسبوق. نسأل الله أن يجعل تلك الجهود الرسمية والشعبية دافعة للبلاء وواقية لمصارع السوء. همسة: إذا رأيت أحدهم منطفئاً، حدثه كثيرا عن مزاياه، حدثه عن طيبة قلبه، حدثه حتى يعود ويضيء. جبر الخواطر عبادة. دمتم بود. [email protected]