11 نوفمبر 2025

تسجيل

الأردن والمغرب.. التعاون الخليجي

22 مايو 2011

يعيش 15% من سكان البلدين تحت خط الفقر تفاوتت آراء المحللين والمتابعين لطلب الأردن ودعوة المغرب للانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي والذي اعتمده المجلس في منتصف شهر مايو الجاري، وذلك على الرغم من أن انضمام أي دولة لتجمع ما في العالم يمثل بشكل عام مصدر قوة لهذا التجمع متى ما توفرت الظروف المناسبة والانسجام والتناغم مع الأعضاء الآخرين، وبالأخص في المجال الاقتصادي. لقد ركز بعض الكتاب على الجوانب العاطفية المتعلقة باللهجة الخليجية والعادات والتقاليد ليعربوا عن تحفظهم على عملية الانضمام، إلا أن مثل هذه الأمور لا تمس جوهر القضية، بل إن هناك أمورا أكبر وأكثر أهمية وموضوعية. لذلك، فإن عملية الترحيب أو عدم الترحيب لا تعني الكثير أمام ضرورة تأهيل هذين البلدين الشقيقين ضمن جداول زمنية ليأخذا مكانهما في المجموعة الخليجية على أسس قوية وراسخة وحتى لا تتعرض هذه التجربة لا سمح الله لانتكاسة. ولتأخذ على سبيل المثال بعض البيانات الرسمية التي توضح الفارق الشاسع بين اقتصادات البلدان الستة في مجلس التعاون من جهة وكل من الأردن والمغرب من جهة أخرى لنستنتج الضرورة الخاصة بعملية التأهيل التي أشرنا إليها. يبلغ سكان الأردن والمغرب معا 38 مليون نسمة، وهو ما يساوي تقريبا مجموع سكان دول مجلس التعاون الخليجي الست، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بلغ 1250 مليار دولار مقابل 130 مليار دولار فقط للمغرب والأردن، أي أن الناتج المحلي للدول الخليجية يبلغ عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للمغرب والأردن وفق بيانات عام 2010. أما متوسط حصة الفرد من الدخل القومي لدول المجلس الخمس دون قطر فتبلغ 36 ألف دولار سنويا، وبمبلغ 25 ألف دولار في كل من السعودية وعمان و40 ألف دولار في الإمارات والبحرين 52 ألف دولار في الكويت، في حين لا تتجاوز حصة دخل الفرد من الدخل القومي في كل من المغرب والأردن خمسة آلاف دولار سنويا. وفي الوقت نفسه يعيش 15% من سكان البلدين تحت خط الفقر، في حين أن هذا العدد لا يشكل نسبة تذكر في أي من دول المجلس الست، أما معدل البطالة في الأردن والمغرب، فإنه مرتفع ويصل إلى 14% إذا ما قورن بمعدلات البطالة المتدنية في دول المجلس. هذه باختصار معضلات تنموية لا يمكن أن تجتمع في تكتل واحد دون أن يتم -لا نقول- حلها، وإنما التقليص منها إلى حدها الأدنى ليصبح بإمكان عجلة الاقتصاد الخليجي الجديد بدوله الثماني الدوران دون عوائق ودون مطبات. وللوصول إلى ذلك، فإنه لا بد من وجود برنامج محدد زمنيا للتأهيل يمتد لسنوات ويتم من خلاله ضخ استثمارات كبيرة في شراين اقتصادي البلدين، مثلما عمل الاتحاد الأوروبي من خلال تأهيل العديد من البلدان الأعضاء والتي وضعت لها برامج امتد بعضها لعشر سنوات حددت مسبقا. ورغم وجود هذه البرامج عانى الاتحاد الأوروبي ولا يزال من الأوضاع الاقتصادية المتدنية في بلدان أوروبا الجنوبية والشرقية، اذ أن جزءا من أزمات اليونان والبرتغال ورومانيا حدث نتيجة للتفاوت الكبير بين اقتصاداتها و اقتصادات البلدان المتقدمة، كألمانيا وفرنسا من خلال محاولاتها للحاق بالاقتصادات المتقدمة في الاتحاد، إلا أن التفكير المسبق ووجود برامج التأهيل أسهمت كثيرا في الحد من تداعيات التطورات اللاحقة وحل الانعكاسات المترتبة عليها. وبالإضافة إلى ضخ الاستثمارات تشمل عملية التأهيل إعداد البنية التشريعية والقانونية في البلدين لاستيعاب القوانين والتشريعات الخليجية المشتركة، وهي كثيرة ومتشعبة، إلا أنه من دون ذلك سيظل اقتصادي الأردن والمغرب يغردان خارج نطاق الاقتصاد الخليجي المندمج والمسير ضمن تشريعات مشتركة. وإذا ما وضعت مثل هذه الجداول الزمنية للتأهيل، فإنه يمكن الاطمئنان إلى نجاح هذا التوجه والترحيب بالأردن والمغرب بين أشقائهما الخليجيين ليشكلا دعامة كبيرة للتجمع الخليجي تدفع به إلى الأمام وتساهم في المحافظة عليه في ظل متغيرات إقليمية وعالمية خطيرة ومتقلبة بصورة حادة.