08 نوفمبر 2025
تسجيلفي الأسبوع الماضي انطلق صندوق خليفة لتمكين التوطين "تمكين" بمبادرة من صاحب السمو رئيس دولة الإمارات والمخصص لدعم توظيف المواطنين في القطاع الخاص بدعم حكومي من خلال تحمل الدولة لجزء من المتطلبات المالية لتوظيف المواطنين في منشآت القطاع الخاص. ويعتبر ذلك نقلة نوعية في برامج التوظيف الخليجية ومساهمة فعالة في حل المسائل المتعلقة بتوفير فرص العمل، مما سيكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية مهمة، خصوصا أن توفير فرص العمل للمواطنين أخذت تحتل حيزا كبيرا من الاهتمام الخليجي. لقد حدثت خلال العقدين الماضيين الكثير من التغيرات في البنية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، فالكفة الاقتصادية بدأت تميل من جديد للقطاع الخاص والذي نما بصورة سريعة في العقود القليلة الماضية، وذلك بعد أن هيمن القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية بعد تدفق عائدات النفط، حيث استوعب هذا القطاع معظم الأيدي العاملة الخليجية، وذلك بسبب التوسع الكبير في قطاع البنية التحتية والخدمات والذي أخذت الدولة على عاتقها تنميته. في المقابل استفاد القطاع الخاص من الاستثمارات الحكومية الهائلة في البنى التحتية والتي أتاحت تنمية استثماراته بسرعة كبيرة وبأسعار خدمات متدنية ومدعومة في الكثير من الأحيان، مما يتطلب أن يتجاوب هذا القطاع مع التوجهات الرسمية الرامية إلى زيادة التوظيف في القطاع الخاص، على اعتبار أن القطاع العام أصبح مشبعا، بل ويعاني من فائض في التوظيف في العديد من القطاعات. وتختلف التوجهات الحالية عن سياسة التوطين السابقة والتي اعتمدت على عملية إحلال الأيدي العاملة الخليجية محل الوافدة والتي حققت نتائج محدودة بسبب اختلاف طبيعة المهن والوظائف المناسبة للخليجيين عن تلك التي يشغلها الوافدون، إذ إن التوجهات الحالية ترمي إلى إيجاد فرص العمل التي تناسب ثقافة العمل الخليجي والتي هي ذاتها بحاجة إلى تطوير، فالقطاع الخاص تتوفر لديه الكثير من فرص العمل المناسبة للمواطنين، إلا أن مستويات الأجور والامتيازات في بداية فترة الانضمام للعمل لا تناسب احتياجات الشباب الخليجي، حيث يمكن دعمها في السنوات الأولى من خلال برامج حكومية، كبرنامج خليفة للتمكين، إذ إن زيادة أعداد العاملين المواطنين في القطاع الخاص لا تتم بالضرورة من خلال عملية الإحلال للأجانب، وإنما من خلال استحداث وظائف جديدة تفرزها عملية النمو المتواصلة لأنشطة القطاع الخاص. والحال، فإن، توفير المزيد من الوظائف يرتبط أساسا بحجم النمو والتوسع الاقتصادي، ففي دولة قطر والتي حقق الاقتصاد المحلي هناك نسبة نمو كبيرة في العام الماضي 2010 قدرت بـ 16% تم خلال شهري يناير وفبراير الماضيين توظيف 784 مواطنا قطريا، منهم 557 بنسبة 71% في القطاع الخاص و227 بنسبة 29% في القطاع الحكومي. أما في دولة الإمارات، فإن النتائج الإيجابية لصندوق خليفة لتمكين التوطين سوف تبرز بصورة سريعة لتساهم في حل العديد من القضايا الخاصة بسوق العمل في الدولة، كتأهيل المواطنين وتوفير آلاف فرص العمل لهم في القطاع الخاص والذي تشمل أنشطته كافة مرافق الاقتصاد المحلي، مما سينعكس على مشاركة اكبر للمواطنين في العملية الإنتاجية ويكسبهم خبرات متنوعة بعد أن كانت معظم خبراتهم تتركز في القطاع العام الذي تتركز أنشطته في قطاعات محدودة. لقد وضع برنامج خليفة للتمكين الأسس الضرورية لإحداث هذه النقلة النوعية في سوق العمل الإماراتية، إلا أن هذا التوجه المهم بحاجة لتعاون القطاع الخاص المحلي والأجنبي والذي توفر له الدولة كل سبل النجاح من خلال الخدمات الراقية والتسهيلات المتنوعة، مما يلزمه بالتعاون لإنجاح هذا التوجه، كما أن تجاوب المواطنين وتحمل الصعوبات في بداية عملهم بالقطاع الخاص يعتبر أمرا مطلوبا، خصوصا أنهم سوف يجنون ثمار هذا التوجه من خلال اكتسابهم خبرات لا يمكن التزود بها، إلا من خلال العمل في أنشطة هذا القطاع، مما سيوفر لهم فرصا مثالية لتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية. ونظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لصندوق خليفة للتمكين، فإنه يمكن تعميم هذه التجربة لتشمل كافة دول مجلس التعاون الخليجي من خلال التنسيق بين وزارة العمل وتبادل الخبرات في هذا الشأن، وذلك للمساهمة في حل بعض معضلات سوق العمل والتركيبة السكانية، تلك القضايا التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي والمتشابهة إلى حد بعيد.