17 نوفمبر 2025

تسجيل

الابـتـزاز الـعـاطـفـي جـريـمـة عـظـمـى

06 ديسمبر 2020

يتضمن الابتزاز العاطفي عادة شخصين بينهما علاقة قوية، ممكن أن يكونا: الوالد والطفل، أو الزوجين، أو الأشقاء، أو الصديقين أو شريكي العمل. ويستخدم المبتزون عاطفياً أدوات التهديد والتخويف، وكذلك أداة الالتزام المبرم بينهم، وأداة الشعور بالذنب في علاقاتهم، مما يضمن ضعف الطرف الآخر وشعوره بالخوف من انتهاء هذه العلاقة أو فقد هذا الشخص الحبيب الذي يقوم بالتهديد، أو حتى الخوف من الفضيحة أو كشف الذنب، ويتبع ذلك عملية قاسية في إلزامهم وإغراقهم بالذنب إذا قاوموا. فلو تعلق شخص بحب فتاة ـ مثلاً ـ وتمكن من هذا الحب فقد يهدد المحبوب المبتز بإنهاء العلاقة وبحجب الحب الذي التزم به، أو يعرض عليها بديلاً آخر، مما يجعلها تشعر بأنها مضطرة أن تكسب هذا الطرف القوي بالاتفاق. وأن تلتزم بتحقيق ما يريده من شروط حتى ولو لم تكن مقتنعة بها. غالبا ما يريد الشخص المسيطر شيئا من الشخص الآخر يرغب فيه، قد يرغبون في الحب، أو المال، أو المنصب، أو الشر، أو الدعم، أو الأيديولوجية وما إلى ذلك، هذه مشكلة، ولكن المشكلة الأكبر تتعلق بكيفية حصولهم على ما يريدون، فتحت الضغط، قد يصبح الشخص الضعيف رهينة، ويمكن أن يقع في نمط السماح للمبتز بالسيطرة على قراراته وسلوكه. شاب في عمر الزهور يعيش حالة تفكك أسرى في ظل ممارسات غير مسؤولة من قبل كلا الوالدين، يضجر من الحياة غير المستقرة التي يعيشها، فيلجأ إلى صحبة ذات توجه فكري منحرف، فتتكون لديه قناعات ضد المجتمع الكبير. فتاة في المرحلة الجامعية تعيش قصة حب مع أحد المستخدمين لديهم في البيت في ظل انشغال الأم وعيش الأب مع زوجة أخرى في بلد مجاور، يقوم هذا العامل بتصوير الفتاة ويبتزها مالياً وجسدياً من أجل توفير المال والمسكرات له مما يجعلها ممزقة داخليا، تضجر من سجنها الداخلي الذي لا يسمع أنينها فيه أحد. وهذا شاب آخر وسيم عمره خمس وعشرون سنة، يقيم علاقات غير شرعية مع الكثيرات؛ مختلفات الأعمار في مكان فخم ويتصيد من لديها الأموال؛ فيبتزها عاطفياً تحت تهديد الفضيحة أمام أسرتها، فتضطر أن توفر له كل ما يريد بكل الطرق التي لا تخطر على البال. وفتاة عمرها عشرون عاما ينهكها الفقر فتقارن بين مستواها الاقتصادي بمستوى بعض زميلاتها معها في مقاعد الدراسة، فيعجبها نمط عيشهن خلال الويكند في جلسات فرفشة؛ فتنساق معهن بغياب رقابة الوالدين والأخ الأكبر حتى أصبحت تبيت خارج البيت لأيام، ثم لا تلبث حتى وجدت نفسها من إحدى قيادات مجموعة ضالة تسمي نفسها عبدة الشيطان لا تستطيع الفكاك منها، فهم أخذوا عليها المواثيق والأدلة الفاضحة. إن مثل هذه الأمثلة الواقعية المنتشرة في الدول العربية المختلفة؛ تعكس غياب الدور الحقيقي للوالدين في تربيتهما، وتعكس الخطورة المستترة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وضعف الدور الأخلاقي الذي تغرسه المدرسة أو الجامعة في النشء. عالم إنجليزي يسمى ( هيرمان ) قام بتحليل دماغ الإنسان الطبيعي، وتبين أن بوصلة التفكير تختلف من فرد إلى آخر بالرغم من أنه يعمل عقله فيها جميعا، يقول إن الناس ينقسمون إلى أربعة أنماط: • العقلاني أو الموضوعي، وهؤلاء الأشخاص يتمتعون بالقدرة على التقييم والتحليل وفهم لغة الأرقام وفهم النواحي الفنية والقدرة على إعداد دراسة جدوى وحل المشكلات بالإضافة إلى القدرة على القيادة. • التنفيذي، وهو الشخص ذو الاهتمام بالجانب التنفيذي ولديه القدرة على التخطيط مع الالتزام بالدقة في أصغر التفاصيل وبالتالي التخطيط السليم الذي يتبعه التنفيذ الناجح. • الشخص العاطفي والشاعري، وهؤلاء الأشخاص من أهم صفاتهم حب البذل والعطاء وفهم احتياجات كل من حولهم، ومحاولة مساعدتهم قدر المستطاع. • الشخص المُبدع غير التقليدي؛ وهؤلاء الأشخاص يتمتعون بالقدرة على التوقع بشكل صحيح وإعداد الخطط المستقبلية والميل إلى التغير والتطوير وعدم النمطية ويُفكرون خارج الصندوق. إن الشخص العاطفي أو المشاعري، هو الأكثر عرضة للابتزاز؛ لأن المبتز يستخدم أساليب مختلفة مثل: الطلب أو الضغط أو التهديد أو الامتثال أو التكرار وغيرها مما يمكنه من الضحية العاطفية. ولكن هل يمكن أن نلتفت إلى هذه القضية المستترة في ثوب الحياء؟ بالرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها رجال الأمن الأشاوس في التحري والبحث عن مثل هذا التسوس، إلا أن تكاتف المدرسة والأسرة مهم في الوقاية من هذه الحيل التي تعتبر جريمة. آخر المطاف: المعروف يبقى والوفاء لا يضيع، وصنائع المعروف ترجع لأصحابها وإن طال الزمن. همسة: لكي لا تموت مرتين.. إياك أن تعود لمن خذلك. دمتم بود [email protected]