18 سبتمبر 2025

تسجيل

من الخضيري إلى وزير الداخلية

29 مارس 2014

«يا سيادة الوزير لا تغتر بقوة ليست قوتك ولا منصب لم يكن لأحد مهما طال مكثك فيه، وتذكر دائما المثل القائل إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك، وانظر إلى مصير من سبقوك في هذا المكان أين هم الآن.. المصدر الدائم للقوة يا سيادة الوزير هو القوة التي تستمدها من الله تعالى وتنفيذ أوامره والعمل على رضائه، هو وحده القادر على المنح والمنع والحياة والموت». «وتذكر أن كل معتقل قابع خلف القضبان ظلما خلفه أسرة تحتاج إليه وهي تدعو ليل نهار على من ظلمه، وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب». «والغريب أن من يهدر سيادة القانون ولا يحترم أحكام القضاء، إنما يقوم بذلك تحت راية الحفاظ على أمن الوطن وأمن المواطن، وكأن رجال الأمن في مصر هم وحدهم الحريصون على الأمن في مصر وبقية المواطنين لا يقدرون هذا الأمر وليس لديهم حرص على مصلحة الوطن». «يا سيادة وزير الداخلية، كن حريصا على حرية أي مواطن حرصك على حرية من يهمك أمره، وتذكر يوما لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وإنه إذا كان في الدنيا من يحميك فإنه في الآخرة لا عاصم من أمر الله إلا من رحم». أرجو ألا يلتبس الأمر على القارئ في تلقي الفقرات السابقة. فالمستشار الخضيري هو من كتبها حقا، لكنه لا يزال رهن الاحتجاز في سجن طرة منذ (125) يوما. ممنوع عنه الورقة والقلم، ممنوع عنه الكتب والصحف، ممنوع عنه رؤية النور سوى ساعة واحدة في اليوم وغير مسموح له حتى باقتناء ساعة لمعرفة الوقت! إلا أنني أثناء التفتيش في بعض دفاتره القديمة وجدت مقالة منشورة في جريدة «المصري اليوم» بعنوان: «1800 مصري فقط في معتقلات العادلي، حقا إنها أزهى عهود الديمقراطية». وجه المستشار الخضيري في هذه المقالة رسالة إلى وزير الداخلية ينتقد فيها احتجاز المعتقلين في مصر ويدعو إلى إطلاق سراحهم. ونشرت في كتابه «السماء لا تمطر حرية» المنشور عام 2010. والمقتطفات التي عرضتها من صفحات 31 و32 و33 من الكتاب. والكلام فيها ليس موجها إلى العادلي وحده. لكنها رسالة يجب أن توجه لكل وزير داخلية في كل العصور وفي كل الأمصار. من سخرية القدر أن يوجه والدي رسالة لحبيب العادلي يطالبه فيها بالإفراج عن المعتقلين، ولم يخطر على باله في ذلك الوقت ولو للحظة، أنه القاضي الجليل الذي أمضى أربعين عاما من عمره فوق منصة القضاء ومشهود له بالنزاهة والكفاءة، ولا تخلو مكتبة قاض في مصر من كتبه، لم يخطر له وهو من جعل محكمة النقض في مصر تعدل عن خمسة مبادئ كان العمل بها مستقرا، لم يخطر له وقد توج كل هذه الإنجازات بحصوله على ثقة الشعب وأصبح أحد نوابه، لم يخطر له أنه سيصبح أحد الأبرياء المعتقلين بعد بضع سنوات! لقد كان المستشار الخضيري أشرس من دافع عن حقوق المعتقلين السياسيين، فهل يجد الآن من يدافع عن حقه في الحرية؟! أو حتى حقه العادل في إيجاد بدائل للاحتجاز الاحتياطي على ذمة القضية التي أقحم فيها ظلما وعدوانا. وهي البدائل التي تراعي تاريخه ناصع البياض ومرضه وشيخوخته! لقد ناشد فريق الدفاع هيئة المحكمة من قبل تحديد إقامة الوالد في منزله إن كانت تصر على تقييد حريته حال محاكمته. وهنا نحن نكرر المناشدة. وللمنصة العالية أن تتراجع عن قرارها إذا ما تخلف عن حضور أي جلسة.. إن المناشدة الآن موجهة إلى كل مسؤول ذي صلة بالموضوع. ذلك أن الحبس الاحتياطي يهدد حياة الوالد، وهو لا يشكو لأنه يتمنى الشهادة، فهل من مجيب! الحرية لمن ضحى من أجلنا.النص أعلاه ليس لي. ولكنه رسالة تلقيتها من الأستاذة مروة محمود الخضيري ابنة المستشار السجين، لم أضف إليها كلمة من عندي. إذ وجدتني متفقا مع كل كلمة وردت فيها. ولو أردت أن أسجل رأيا في قضية المستشار الجليل الذي ذكر البلاغ المقدم والذي هو أصل القضية أنه كان شاهدا على ما جرى لصاحبه، لكن يدا أرادت أن تنكل به فحولته من شاهد إلى متهم، لو أردت أن أقول شيئا في هذا الصدد فلن أضيف شيئا إلى ما سطرته ابنته. فقط أذكر بأننا إزاء حالة صارخة لظلم الأبرياء، وهم ألوف استبيحت كراماتهم وأهدرت إنسانيتهم ودمرت حياتهم. وإن وقف المستشار الخضيري في الصف الأول منهم.