16 سبتمبر 2025

تسجيل

وصف مصر الأخرى

27 مارس 2016

نداء الحاج السيد فؤاد عباس وراء اكتشافي لوثيقة خرائط الريف المصري. وكان النداء قد أثار انتباهي حين وجدته منشورا كإعلان على الصفحة الأولى لجريدة الوطن في 14/3 الحالي. لا أعرف الرجل ولم أسمع باسمه من قبل لكني، وجدته يطالب الحكومة بأن «تنظر إلى الصعيد الذي كان ولا يزال مهمشًا حتى أصبح يعاني أعلى معدلات الفقر». لم أعرف السبب الذي دعا الحاج السيد لنشر الإعلان على حسابه الخاص. والتوقيع باسمه في ختامه، مشيرًا إلى أنه من مركز طهطا ــ محافظة سوهاج ــ خطر لي أن يكون وراء الإعلان حسابات شخصية تتعلق بالانتخابات المحلية أو بأي منافسات قبلية أخرى. إلا أنني لم أتوقف طويلا أمام الدوافع وما شغلني كان الموضوع. إذ إن أزمة الفقر وتراجع معدلات التنمية في الصعيد لم تكن خبرا جديدا، إلا أن نشر الإعلان شجعني على محاولة تحري حجم المسألة. وما إذا كانت الأزمة مقصورة على محافظات الصعيد فحسب، أم أنها مشكلة مصرية تشمل أيضا محافظات الوجه البحري وما نسميه بمحافظات الحدود. البحث قادني إلى مفاجأة العثور على دراسة موسعة لأوضاع الريف أعتبرها وصفا لمصر الأخرى، غير التلفزيونية التي عادة ما نقرأ أخبارها على صفحات الحوادث. أتحدث عن نتائج المسح الشامل لخصائص الريف المصري في عام 2015. وهو الذي أجراه باحثو وخبراء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وشمل عرضا لأوضاع 4655 قرية في طول البلاد وعرضها.الدراسة مهمة وغير مسبوقة، وفهمت من رئيس الجهاز اللواء أبوبكر الجندي أن كل محافظة تلقت تقريرا مفصلا حول أوضاع القرى التي تدخل في نطاقها، ليكون كل محافظ وكل مسؤول فيها على بينة من الحقائق المماثلة على الأرض في دائرة اختصاصه. ولأن الدراسة تضم آلاف الأرقام والبيانات ويتعذر الإحاطة بمضمونها في الحيز المتاح، فإنني سأكتفي بنوعين من الملاحظات. الأول يتعلق بالملاحظات العامة على قرى الجمهورية. والثانية تخص المقارنة بين حظوظ الريف في الوجه البحري مقارنة بمثيله في الوجه القبلي. من أبرز الملاحظات العامة الأولى ما يلي:< رغم أن 97.5٪ من إجمالي القرى تتصل معظم مبانيها بالشبكة العامة للكهرباء، إلا أن 15.4٪ فقط من القرى نادرا ما ينقطع عنها التيار. لأن نحو 23٪ منها ينقطع عنها التيار الكهربائي يوميا، وبقية القرى ينقطع عنها التيار مرة أو مرتين أو ثلاثة كل أسبوع.< بالمثل فإن 96.5٪ من القرى تتصل أغلب مساكنها بشبكة المياه، إلا أن 27.6٪ فقط منها لا تنقطع عنها المياه. في حين أن 15٪ تنقطع عنها المياه يوميا. وأكثر من 57٪ من القرى تعاني الانقطاع ما بين مرة وثلاث مرات أسبوعيا.< ثلاثة أرباع القرى لا يوجد بها شبكة صرف صحي. وفي الربع الموصول بالشبكة فإن 4٪ من القرى تعاني فيها شبكة الصرف من الانسداد بصفة يومية.< فما خص الظروف البيئية تبين أن 71٪ من المباني في القرى غير مكتملة البناء و68٪ منها تعاني الحيوانات الضالة و39٪ تعاني وجود القمامة في الشوارع و24٪ تعاني طفح المجاري و52٪ بها أبراج لشبكات الضغط العالي و51٪ بها أبراج لشبكات المحمول.< 95٪ من القرى بها مدارس ابتدائية حكومية و18٪ فقط بها مدارس ثانوية.< 70٪ من القرى بها وحدات صحية و60٪ بها عيادات خاصة للأطباء و81٪ بها صيدليات و40٪ فقط بها مراكز لرعاية الأمومة والطفولة و14٪ بها فقط نقاط الإسعاف.< 2٪ فقط من القرى تتوافر بها وسائل نقل تابعة للدولة و78٪ منها تعتمد على التوك توك، وبقية القرى تعتمد في الانتقال على سيارات الميكروباص أو عربات نصف نقل.< 95٪ من القرى بها دور للعبادة (مساجد أو كنائس) و88٪ بها أفران بلدية و67٪ بها مراكز لرعاية الشباب و47٪ من القرى بها محال تعلن عن استخدام الهاتف و27٪ بها سنترال خاص. و20٪ بها نت كافيه و3٪ بها حدائق عامة.< 61٪ من القرى تعاني مبانيها من نشع المياه و30٪ من القرى يوجد بها رشاح (مصارف راكدة وغير مغطاة) ــ و76٪ من القرى تلقي بالقمامة في الرشاح و57٪ منها يلقى فيها بالحيوانات الميتة.< 70٪ من القرى تحتاج إلى توفير خدمة الصرف الصحي و59٪ منها تعاني النقص في المدارس و40٪ يحتاج إلى مستوصفات لعلاج المرضى.غدا بإذن الله، نستعرض المقارنات بين الريف في الصعيد والوجه البحري.