19 سبتمبر 2025
تسجيلوجه 150 من المثقفين والنشطاء المصريين رسالة في 19/5 الحالي إلى رئيس وأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، بعد أن ذكروهم فردا فردا، هذا نصها: نود أن نلفت نظر سيادتكم إلى لجوء العديد من المحبوسين احتياطيا أو على ذمة قضايا إلى آخر وسيلة يملكونها للمطالبة بحقوقهم في المعاملة الإنسانية والإجراءات القانونية العادلة، ألا وهي الإضراب عن الطعام. ونود أن نلفت نظركم على وجه الخصوص إلى اثنين من المعتقلين، هما عبد الله الشامي ومحمد سلطان، المحتجزان في سجن العقرب شديد الحراسة.تضمنت الرسالة تعريفا بالاثنين، حيث ذكرت أن عبد الله الشامي صحفي بقناة الجزيرة، كان قد ألقي القبض عليه يوم 14 أغسطس الماضي، أثناء تغطيته لأحداث الاعتصام في ميدان رابعة. وفي يوم 21 يناير 2014 بدأ الشامي إضرابا عن الطعام احتجاجا على احتجازه من دون اتهامات أو أدلة أو مسوغات قانونية، ومازالت تمد له فترة الاحتجاز حتى جاء آخر تجديد يوم 4 مايو، فجدد له 45 يوما إضافية. وحين تدهورت حالته الصحية بسبب الإضراب عن الطعام لم تلجأ مصلحة السجون إلى نقله إلى المستشفى، بل نقلته إلى الحبس الانفرادي، وبسبب الإضراب فإنه فقد 40 كيلو جراما من وزنه. وأفادت التحاليل الطبية التي أجريت له أنه أصبح يعاني فقرا شديدا بالدم واختلالا في وظائف كليته، وهو ما ينذر بخطر شديد يهدد حياته.أما محمد سلطان، فقد ذكرت رسالة للمثقفين أنه بدأ إضرابه عن الطعام يوم 26 يناير 2014 بعد أن تكرر تجديد حبسه دون اتهامات وبدون أدلة. وهو الآن في يومه الـ105 من الإضراب وقد فقد أكثر من 45 كيلو جراما واختلت نسبة سيولة الدم لديه حتى وصلت لـ8 منذ سبعة أيام، كما انخفضت أيضا نسبة السكر في الدم إلى 40، الأمر الذي يشير إلى تدهور شديد في حالته الصحية يهدد بالخطر على حياته ويزيد من احتمالات الوفاة نتيجة النزيف أو غيبوبة السكر.طالبت الرسالة أعضاء ومجلس حقوق الإنسان بضرورة زيارة السجن لمقابلة الشابين، مصطحبين معهم طبيبا مختصا ومستقلا، كما ناشدتهم أن يمارسوا ضغطهم على الجهات المعنية للإفراج الفوري عنهم، وإلى أن يتم ذلك فينبغي نقلهما إلى المستشفى.قبل توجيه رسالة المثقفين المصريين إلى مجلس حقوق الإنسان كان عبد الله الشامي قد سرب رسالة من محبسه قال فيها: في الليلة الماضية نقلوني إلى سجن العقرب. لكنني أصبت بإغماء بعدما أطعموني بالقوة قطعة «تونة». وحين جاء الطبيب «الجزار» فإنه سكب على وجهي زجاجة ماء مثلج ثم انصرف. لكنني تقيأت ثلاث مرات، واستيقظت قبل الفجر على ألم رهيب في بطني وظهري. وحين ناديت على «الشاويش» كان رده أن الكل ينام ولا أحد مستيقظا والطبيب لا قلب له كما رأيت. لقد وضعوني منذ جئت في زنزانة انفرادية ويضغطون عليَّ لفك الإضراب ولم يسمحوا لي بأخذ متعلقاتي من السجن الآخر. غير مسموح لي بالكلام مع أحد ولا بالتريض، كما أنهم أغلقوا الفتحة الصغيرة في الباب 40x 30 سم حتى لا أتحدث مع أحد. إنني أتساءل الآن ما هو حال أمي وماذا فعلت حينما علمت بما جرى لي؟. لقد دعوت لها كثيرا ولجهاد حبيبة قلبي. يا رب خفف عنهما والطف بهما وامنحهما القوة. لقد بكيت كثيرا حين تذكرتهما ودعوت على كل من ظلمني فردا فردا. لقد سلمت أمري.. فليأتوني بما شاءوا من أصناف الطعام لكني سأذيقهم ما لم يروه دون أن يدخل جوفي سوى الماء، والله أرينهم ما يكرهون. وإذا شاء الله أن تكون هذه هي النهاية فلتكن.على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة وجهها محمد سلطان إلى قاضي محاكمته ذكر فيها أنه مصري ــ أمريكي تخرج في جامعة أوهايو، وأنه جاء إلى مصر منذ 14 شهرا قضى 9 أشهر منها في السجن. وقد جاءت الشرطة إلى بيته في 27 أغسطس الماضي للقبض على والده الدكتور صلاح سلطان، ولما لم تجده فإنها قبضت عليه وعلى بعض أصدقائه الذين تصادف أنهم كانوا في زيارته. بعد ذلك حدث معه ومع أصدقائه ما رواه بالعامية على النحو التالي: انتقلنا بين 5 سجون وأقسام شرطة ــ عذبنا وضربنا وهددنا بالقتل وذلك لم يكن بعيدا، لأننا رأينا مسجونين ماتوا من التعذيب أمام أعيننا ــ حبسنا في زنازين صغيرة وغير آدمية حشر فيها أكثر من مسجون وبحمام واحد. حققوا معي في الأمن الوطني وأنا معصوب العينين، وسئلت عن مكان والدي ومعلومات عنه من دون ذكر أي شيء عني أو عن زملائي ـ بعد يومين من القبض عليّ صدر أمر ضبط وإحضار وحولت إلى نيابة أمن الدولة العليا وحقق معنا في آرائنا وأفكارنا. ونحن في عهدة النيابة حصل الآتي:1 ـ وجهت إلينا اتهامات خيالية. الإرهاب، وتشكيل عصابي، وقلب نظام الحكم، من دون أي دليل في محضر التحريات.2 ـ طوال هذه المدة وحتى أول جلسة في المحكمة لم نتمكن نحن ولا محامونا من الاطلاع على المحضر الذي بسببه اتحبسنا.3 ـ استجوبني ضباط أمن الدولة الوطني مرتين في سجن استقبال طرة وأنا معصوب العينين. وعرضوا الإفراج عني مقابل التنازل عن جنسيتي المصرية.4 ـ أهملت النيابة الطلبات المتكررة لها عن حالتي الصحية: يدي كانت مكسورة وعندي مرض تجلط مزمن حتى خرجت المسامير من كوعي وكتفي (بسبب الضرب والتعذيب) وكدت أنزف حتى الموت داخل الزنزانة إلى أن أجبر الدكتور المسجون معي في الزنزانة على أن يتصرف ويجري عملية جراحية من دون مخدر وبأدوات بدائية غير معقمة علشان يزيد المسامير ويبطل النزيف.5 ـ استمر حبسنا 15 يوما ثم فوجئنا بأن القضية كبرت بعدما أضافوا إليها قيادات الإخوان ورموزا سياسية وإعلامية.6 ـ بعد انتهاء الـ15 يوما تفاءلنا حين عرفنا أننا سنعرض على قاضي التجديد، لأننا ظننا أن طرفا محايدا سيسمعنا، لكننا صدمنا حينما قرر حبسنا 45 يوما دون أن يستمع إلينا. ومنذ ذلك الوقت (26 يناير) قررت الدخول في إضراب مفتوح لإعلان احتجاجي على ذلك.ــ اليوم مر 105 أيام على الإضراب وأنا نزلت 45 كيلو، وحالتي الصحية وصلت إلى مرحلة الخطر، بحيث أصبحت معرضا للموت بالنزيف أو التجلط أو الغيبوبة، حتى الموت المفاجئ.أعرف أن مجلس حقوق الإنسان ثقيل السمع في مثل هذه الحالات التي تعد رمزا لما يجري في السجون والمعتقلات، لكنني أذكر أعضاءه وغيرهم من أولي الأمر وأهل الموالاة بمقولة الروائي الأمريكي دان براون، التي أوردها في كتابه المثير عن «الجحيم» ونوه فيها إلى أن: أحط المراتب في الجحيم محجوزة لأولئك الذين يحتفظون بحيادهم وصمتهم في الأزمات الأخلاقية.