16 سبتمبر 2025

تسجيل

سلفاكير في إسرائيل

22 ديسمبر 2011

قام رئيس جنوب السودان بأول زيارة رسمية ومعلنة إلى إسرائيل قبل يومين (الثلاثاء 20/12) وقال سلفاكير في حفل علني في وجود الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز: «لقد وقفتم إلى جانبنا طوال الوقت، ولولا الدعم الذي قدمتموه لنا لما قامت لنا قائمة». وجاء كلامه تعليقا على قول الرئيس الإسرائيلي إن علاقة بلاده بقادة انفصال الجنوب بدأت أثناء حكومة ليفي اشكول (النصف الثاني من الستينيات) عندما كان بيريز نائبا لوزير الدفاع. والتقى لأول مرة بممثلي الجنوب في اجتماع تم ترتيبه في باريس، واتفق فيه على تقديم مساعدات كبيرة في مجالي البنية التحتية والزراعة، أضاف بيزيز أن بلاده لا تزال تقدم لجنوب السودان ما يحتاجه من مساعدات في شتى المجالات. في التقارير المنشورة إنه تم الاتفاق أثناء الزيارة على إرسال وفد إسرائيلى لدراسة جميع الاحتياجات المطلوبة للدولة الجديدة، وعلى المهمش نوقش موضوع هجرة الأفارقة إلى إسرائيل (وصل عددهم إلى 53 ألف لاجئ). وذكرت تلك التقارير أن إسرائيل عرضت بيع اللاجئين الذين نريد الخلاص منهم، بحيث تدفع 500 دولار على كل رأس للأفريقي الذي يوافق على الرحيل، إضافة إلى مبلغ آخر للدولة التي تقبل استيعابهم، وفي إطار تنشيط العلاقة بين الطرفين اتفق أيضا على تسيير خط طيران مباشر بين تل أبيب وجوبا عاصمة الجنوب. ما قاله سلفاكير عن دور إسرائيل في إقامة دولة جنوب السودان صحيح تماما، حتى أزعم أن دولة الجنوب صناعة إسرائىلية بالدرجة الأولى الأمر الذي لا ينفى وجود عوامل أخرى تأتي تالية في الترتيب،ولم يعد سرا في إسرائيل حين ذهبت إلى قلب إفريقيا وخصت جنوب السودان بالاهتمام الفائق فإنها استهدفت مصر والأمن القومي العربي بشكل عام. يذكر العميد متقاعد موشى فرحى في الدراسة التي أصدرها له مركز ديان للأبحاث عند إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان أن ديفيد بن جوريون أول رئيس لحكومة الدولة العبرية وجه بصره صوب إفريقيا والسودان بوجه أخص منذ أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، أي بعد سنوات معدودة من تأسيس الدولة، وقال ما نصه: للوصول إلى الجنوب كان لابد أن توجد إسرائيل في الدول المحيطة بالسودان، خاصة إثيوبيا وأوغندا ثم كينيا وزائير، وكأن الرجل قد نبه في وقت مبكر إلى أن الجهد الإسرائيلي لإضعاف الدول العربية ومصر على رأسها لا يجب أن يركز فقط على دول المواجهة بل يجب أن ينتشر ليصل إلى قلب الدول العربية ذاتها والطريق إلى ذلك يكون باستثمار نقاط الضعف في تلك الدول خصوصا الجماعات غير العربية التي تعيش في كنفها، مثل الأكراد في شمال العراق والزنوج في جنوب السودان والموارنة في جبل لبنان. في حديثه عن السودان قال ضابط الموساد السابق إنه ليس دولة مواجهة ولم يشتبك مع إسرائيل يوما ما لكن أهميته تكمن في أنه يمثل عمقا استراتيجيا محتملا لمصر التي تعد البعد الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل ولذلك كان لابد من إضعافه بكل السبل. تحدث المؤلف عن إيفاد خمسة آلاف خبير إلى الدول المحيطة بالجنوب لتعزيز الوجود الإسرائيلي فيها، وتهيئة الانقضاض على الجنوب. وقد تم لهم ما أرادوا، لأنه ما إن انفتح الباب حتى ألقت إسرائيل بثقلها إلى جانب المتمردين، وأمدتهم بكل ما احتاجوه من سلاح وعتاد وخبراء عسكريين، اشترك بعضهم في القتال ضد الشماليين، كما أنهم أوفدوا خبراء لدراسة الإمكانات النفطية في الجنوب لتهيئته للانفصال الذي تحقق في شهر يوليو من العام الحالي أي بعد نحو 50 عاما من الدعم الدؤوب والمستمر. سألت الدكتور حسن مكي رئيس جامعة إفريقيا العالمية في الخرطوم عن تقييمه للزيارة، فقال إنها تحصيل حاصل، فقد رعت إسرائيل التمرد في الجنوب من البداية بحيث لم يعد قادرا على أن يستمر كدولة إلا كان مستندا إلى دعمها. حيث كل القادة العسكريين الجنوبيين تدربوا هناك كما أن الخبراء الإسرائيليين منتشرون في مختلف المرافق والأجهزة الحكومية، والشركات الإسرائيلية مهيمنة بالكامل على صناعة الفنادق وبعض المشروعات الإنشائية الأخرى، وقال إن الوجود الإسرائيلي في الجنوب إذا كان استهدف بالأساس إضعاف مصر وتهديد الأمن القومي العربي، إلا أنه الآن يسعى أيضا إلى تثبيت الانفصال عن الشمال وقطع الطريق على احتمال وحدة البلدين. كما أنه يسعى لإغلاق باب العرب المؤدي إلى قلب إفريقيا والحد من انتشار الإسلام في القارة. سألته ما رأي حكومة السودان في الموضوع، فرد على السؤال قائلا: ما رأي مصر المستهدفة؟ أحرجني الرجل فابتلعت سؤالي وسكت.