16 سبتمبر 2025

تسجيل

أسئلة الصدمة المعلقة

13 أكتوبر 2011

إذا استفقنا من حالة الحزن والصدمة المخيمة في مصر هذه الأيام وحاولنا أن نفهم ما جرى، فسوف نفاجأ بأن كل المعلومات الأساسية المتعلقة بالموضوع غائبة ولا يعرف الناس عنها شيئا. بل إن بعض المسؤولين أنفسهم لديهم صورة عما جرى مختلفة عما هو شائع بين الناس فيما خص بعض الوقائع. أرجو ألا يجادل أحد في أن من حقنا أن نعرف ونفهم ما جرى، ليس إشباعا للفضول وإنما لأن وقائعه تتعلق بمستقبل كل واحد فينا، وبأمن واستقرار البلد الذي نعيش فيه، ومن ثم بمصير الحلم الذي ظننا أننا قبضنا عليه بالثورة، وصرنا بصدد نسج ملامحه وتنزيله على أرض الواقع، ولأن الأمر كذلك فإننا لن نستطيع أن نفهم وأن نحدد موقفا من عناصر المشهد المختلفة إلا إذا حصلنا على إجابة وافية لقائمة من الأسئلة في مقدمتها ما يلي: ?< ما هي حقيقة قصة كنيسة قرية الماريناب التي أطلق هدمها شرارة الغضب الأخير، وهل حصلت على ترخيص بالبناء أم لا، وهل صحيح ما قيل من أن ثمة تلاعبا وتدليسا في إصدار الترخيص. ذلك أنه إذا ثبتت صحته وسلامة إجراءاته فإن المحافظ الذي اعترض على البناء يكون مخطئا قطعا، ويجب أن يحاسب على تعنته. أما إذا تبين أن ثمة تلاعبا في الترخيص، فإن موقف الرجل يكون سليما، ويكون الآخرون هم الذين أخطأوا. علما بأنني أعارض بشدة لجوء بعض أهل القرية إلى هدم مباني الكنيسة، حتى إذا كان البناء بغير ترخيص، لأن هذه مسؤولية السلطة وليست مسؤوليتهم. < كيف يمكن أن يعلن عن خروج مظاهرة احتجاجية للأقباط من منطقة ما في حي شبرا، يوم الأحد 9/10 الساعة الثالثة بعد الظهر، ويحدد الإعلان وجهة المظاهرة السلمية مشيرا إلى أنها تستهدف الوصول إلى مبنى التليفزيون (في ماسبيرو) لإشهار الاحتجاج والغضب، ثم لا تتخذ أية تدابير من قبل الشرطة لتأمين المسيرة التي قطعت نحو عشرة كليو مترات مشيا على الأقدام لتبلغ مرادها؟ < لماذا سارع التليفزيون المصري إلى الإعلان عن أن الأقباط هم الذين بادروا إلى إطلاق الرصاص على جنود القوات المسلحة، وإذا تبين أن المعلومة كانت خاطئة كما تدل على ذلك قرائن عدة، فلماذا لا يحاسب المسؤول عن ذلك، خصوصا أن ذلك الإعلان أدى إلى استنفار بعض المسلمين للتصدي للأقباط «المعتدين». < بعدما تبين أن المظاهرة كانت سلمية، فمن الذين أطلقوا الرصاص على المتظاهرين والقوات المسلحة، هل تم ذلك بمبادرة شخصية أم بناء على أمر وتوجيه، وفي الحالة الأخيرة فإن تحديد الجهة التي أصدرت الأمر يصبح أمرا لا غنى عنه. < من هم «الغرباء» الذين اندسوا وسط المتظاهرين وأشار إليهم بيان المجمع المقدس، وألا توجد وسيلة للتعرف على مخزون البلطجة الذي لا ينفد، بعدما تحول البلطجية إلى كائنات أشبه بالعفاريت التي تظهر وتضرب كل مكان، لكن أحدا لا يستطيع أن يمسك بها. وهل يعقل أن يظل هؤلاء يرتعون في البلد طول الوقت دون أن تتمكن أجهزة الأمن من إحباط جهودهم وتجفيف الينابيع التي تفرزهم. < ما هي الملابسات التي حركت المدرعات ودفعتها إلى دهس المتظاهرين هل تم ذلك بأمر من أحد الضباط الميدانيين، أم أن الجنود الذين كانوا يقودون تلك المدرعات قد انتابهم الفزع حينما وجدوا سيارات أخرى يتم إحراقها، وحينما حاولوا الهروب من ذلك المصير. فإنهم اصطدموا بالكتل البشرية المحاصرة وخاضوا فيها مما أوقع القتلى والجرحى. ونسب الأمر إلى الجيش في نهاية المطاف. إنني أحد الذين ينزهون المجلس العسكري عن أن تكون له يد فيما حدث أمام مبنى التليفزيون، ولا أشك في أن خطأ ما أو مجموعة أخطاء (لا نعرفها) هي التي أدت إلى وقوع الكارثة. لكن فظاعة الحدث أثارت عديدا من الشكوك والتساؤلات حول مثل هذه المسلمات، الأمر الذي وضع الجيش في موضع الاتهام، على الأقل فيما تتبعته من انطباعات وتعليقات تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك رجوت المشير طنطاوي أمس أن يوضح الأمر للرأي العام، وأن يعتذر للمصريين عما جرى، رغم أننا نعلم أنه ليس هناك خطأ يمكن أن يحسب عليه أو على المجلس العسكري، لكنهم يظلون مسؤولين عن مصر هذه الأيام. على الأقل حتى يتم نقل السلطة إلى المدنيين. وإلى أن يحدث ذلك فإن ما جرى في مصر يظل معلقا في رقابهم. بما في ذلك دماء الشهداء الذين سقطوا يوم الأحد الحزين.