16 سبتمبر 2025

تسجيل

ليس باسمنا

08 يونيو 2017

حين أبرزت صحيفة «الحياة» اللندنية على رأس صفحتها الأولى أمس (الأربعاء ٧/٦) تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في باريس، الذي قال فيه إن «على قطر وقف دعم حماس والإخوان»، فإن ذلك زاد الأمر غموضا، ذلك أننا فهمنا حين انفجرت الأزمة الخليجية أن سبب الانقلاب على قطر راجع إلى التصريح الذي نسب إليها ودعا إلى عدم التصعيد ضد إيران، خروجا على ما دعا إليه بيان قمة الرياض، وهذا التفاوت في تحديد سبب الأزمة، تزامن مع ما بثته الـ«سي. إن. إن» الأمريكية من أن خبراء المباحث الفيدرالية (إف. بى. آى) رجحوا أن يكون التسريب الذي كذبته الدوحة، وراءه قرصنة روسية. وكان القطريون قد طلبوا في وقت سابق من الأمريكيين والأتراك أن يتحروا مصدر القرصنة التي تمت وأطلقت شرارة الأزمة. إزاء ذلك، فأغلب الظن أننا سنحتاج إلى وقت أطول لكي نفهم سبب الأزمة الخطيرة. لكن ما يدهشنا أن القصف الإعلامي والحصار شبه الكامل لقطر وشعبها مستمران بوتيرة متزايدة، في حين أننا لا نعرف بالضبط هل عوقبت قطر لأنها دعت إلى عدم التصعيد ضد إيران، أو لأنها تدعم حماس والإخوان، أم أن هناك أسبابا أخرى لا نعرفها فجرت الخلاف واستدعت إعلان الحرب السياسية والاقتصادية ضدها.وإذا كانت الوقائع غير ثابتة وغير واضحة، كما أن نتائج الحرب الدائرة في علم الغيب، فإن في لغة التراشق الحاصل وأسلحته ما يستحق الملاحظة، إذ إلى جانب الحصار غير المسبوق الذي فرض على قطر وشعبها، فإن الغطاء الإعلامي له كشف عن أن وسائل الإعلام المرئي منها والمكتوب تخلت عن وظائفها المهنية، وتحولت إلى «أبواق» للأنظمة وظفت لكسب المعركة السياسية. وإذا كان ذلك الوضع قد أصبح مألوفا في العالم العربي، فإن لغة التراشق بدت صادمة على نحو مذهل. إذ حتى إذا صحت حكاية الدعوة إلى عدم التصعيد ضد إيران، فإنني لا أتصور أن يعد ذلك جريمة. خصوصا أن ذلك رأي له وجاهته يعبر عنه البعض، وأنا منهم، وهم الذين يختلفون مع السياسة الإيرانية ويحملونها بعض المسؤولية عما يجري، خصوصا في اليمن، كما أنهم يحذرون من التصعيد السياسي العسكري ضدها. ويعتبرون التحالف مع إسرائيل ضد طهران من الكبائر السياسية التي لا تغتفر.وإذا فهمنا أن إسرائيل تعتبر حركة حماس إرهابية، ويتضامن معها في ذلك الرئيس الأمريكي، فإننا لم نتوقعه من وزير الخارجية السعودي، بل أزعم أن وقوف قطر مع المقاومة الفلسطينية يحسب لها وليس عليها، أما دعم قطر للإخوان فهو قضية خلافية، علما بأن الإخوان المصريين في أزماتهم السابقة كان يلجأ أكثرهم إلى السعودية والكويت وبعضهم إلى أبوظبي (أحدهم هو الدكتور عز الدين إبراهيم عمل مستشارا للشيخ زايد رحمه الله لسنوات طويلة).. وبالمناسبة فإن الموجودين منهم في لندن أهم وأكثر ممن بقوا في الدوحة التي أبعدت عددا منهم استقر أغلبهم في تركيا.لا تغادرنا الدهشة حين نلاحظ أن زمن الصراع ضد هيمنة الدول الكبرى انتهى، وصار صراعا بين الأشقاء في البيت العربي الذي تهدمت أركانه وغاب عنه الكبار، بحيث صارت مصائره مرتهنة للعبث والطيش. ألا يسوغ لنا ذلك أن نرفع أصواتنا مستنكرين ذلك العبث وهاتفين: لا تفعلوه باسمنا رجاء.