19 سبتمبر 2025

تسجيل

اتقوا غضب الشرطة

04 فبراير 2015

شرطي قتل مواطنا متهما كان يقوم بحراسته أثناء علاجه في أحد مستشفيات القاهرة، فنشر موقع «اليوم السابع» مساء يوم 1/2 الخبر كالتالي: صرح مسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية بأن الأجهزة الأمنية سبق أن تمكنت من إحباط محاولة اثنين من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي زرع عبوات متفجرة بحي الوراق (بمحافظة الجيزة). وتمت مطاردتهما وضبطهما عقب إصابة احدهما بطلق ناري، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وتولت النيابة التحقيق والتحفظ على المصاب في المستشفى مع تعيين الحراسة اللازمة عليه. أضاف مسؤول الإعلام الأمني أنه صباح الأول من فبراير قام المتهم المتحفظ عليه بتهديد الشرطي المعين لحراسته واستفزاز مشاعره. إذ وجه الإهانات له ولأسرته ــ ولهيئة الشرطة ــ والقوات المسلحة ـ والدولة وقياداتها. وهدد بعزمه على قتله والتمثيل بجثته كما جرى لزملائه. مهللا لما حدث في شمال سيناء (غارة الإرهابيين التي أدت إلى قتل 44 شخصا). وهو ما استفز الشرطي وأفقده السيطرة على شعوره، فأطلق عليه النار من سلاحه وقتله.جريدة «الشروق» نشرت يوم 2 فبراير على صفحتها الأولى قصة أخرى لقتل المتهم المذكور. نسبتها إلى تحقيقات النيابة وليس إلى مركز الإعلام الأمني، فذكرت أن التحقيقات كشفت عن أن الخلية التي ينتمي إليها المتهم اتفقت مع أمين شرطة اسمه كذا من قوة قسم الوراق على قتله مقابل مبلغ مالي، وذلك عقب علم أعضاء الخلية أن ضباط جهاز الأمن الوطني يحققون مع المتهم الذي يمتلك معلومات خطيرة عن قيادات وأعضاء الخلية. لذا عقدوا العزم على التخلص منه. كما أشارت التحقيقات إلى قيام أمين الشرطة بإطلاق أعيرة نارية باتجاه المتهم من سلاحه الميري، مما أسفر عن قتله في الحال.جريدة «الأهرام» جمعت بين الروايتين فيما نشرته يوم أول فبراير مع إضافة بعض التفاصيل. إذ انطلقت من أن القتيل أحد عناصر الجماعة الإرهابية. وقالت إنه حين نقل إلى المستشفى بسبب إصابته تم تعيين ضابط وأمين شرطة لحراسته، «إلا أن أمين الشرطة غافل الضابط وتسلل لغرفة المتهم المصاب وأطلق عليه عشر رصاصات حتى فارق الحياة، ثم حاول كسر نافذة الغرفة والقفز إلى الشارع من الطابق الرابع، إلا أن القوة الأمنية تمكنت من ضبطه». في الخبر المنشور أيضا إعادة لتصريحات مسؤول الإعلام الأمني بالداخلية التي سبقت الإشارة إليها، والتي أرجعت سبب القتل إلى أن القتيل استفز الشرطي المعين لحراسته.مساء يوم 2 فبراير تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مضمون شريط فيديو وجهه أمين الشرطة إلى الرئيس السيسي والمصريين الشرفاء. ذكر فيه أنه رفض الكلام في التحقيق الذي أجرى معه، وطالب بحضور منظمات حقوق الإنسان في فرنسا والسعودية والكويت والمحامين بالداخلية لكي يؤكد في كلامه أنه يضحى بنفسه في مقابل سلامة الوطن ــ ثم هتف في نهاية التسجيل قائلا: نحن فداك يا مصر ـ نموت نموت وتحيا مصر.يوم 3 فبراير نشرت صحيفة «المصري اليوم» تقريرا أضافت فيه معلومة جديدة. إذ نقلت عن تحقيقات النيابة أن أمين الشرطة زعم أنه أطلق النار على الإخواني القتيل لأنه حاول الهرب، إلا أنها نسبت إلى تحريات قطاع الأمن الوطني أن المتهم تلقى أموالا من أعضاء الخلية الإرهابية التي ينتمي إليها القتيل لقتله حتى لا يفشى أسرارها. ثم نقل تقرير المصري اليوم عن مصادر قضائية قولها إن أمين الشرطة ذكر في أقواله أن القتيل حاول استفزازه وقال له «سنسحلكم يا كفار ـ أنتم خونة»، إلا أن شهود الواقعة داخل المستشفى لم يؤكدوا تلك الأقوال.الحادث وضع الداخلية في مأزق. ذلك أنه يختلف عن حالة قتل شيماء الصباغ التي وقعت قبل أيام ولا تزال الشرطة تحاول التخلص منها، فالقاتل هذه المرة أمين شرطة الذي كان وحده في الغرفة مع القتيل الراقد على سرير المرض وبالتالي لا تتوافر الفرصة لاتهام شخص آخر، ثم إن ذرائع القتل الثلاث غير مقنعة خصوصا البيان الأول الذي صدر عن مركز الإعلام الأمني بالداخلية وادعى أن المتهم استفز الشرطي. وما يلفت النظر في التفاصيل أن الجهات المختلفة حاولت التماس الأعذار للشرطي القاتل إضافة إلى أن التصريحات الصادرة عنها حرصت على أن تذكر في كل مرة بأن القتيل البالغ من العمر 21 عاما من أعضاء الجماعة الإرهابية في إيحاء ضمني إلى أنه ينتمي إلى أناس يستحقون القتل.لقد شاءت الأقدار أن يقع الحادث بعد أسبوع واحد من قتل شيماء الصباغ، وأن يتزامن مع ثلاث جرائم قتل أخرى وقعت في نفس اليوم (الأول من فبراير) أورد تفاصيلها موقع «البداية» فقد أطلق ضابط شرطة النار على سائق سيارة في حي إمبابة حاول الهرب لأنه لم يكن يحمل رخصة للقيادة، وأدى ذلك إلى قتل السائق. وفي المنوفية قتل رقيب شرطة عاملا زراعيا تعارك مع شقيقه. وفي روض الفرج بالقاهرة اتهمت إحدى الأسر ضابط شرطة بقتل ابن لها كان محتجزا بالقسم. وتواتر هذه الأخبار يعني أننا لسنا بصدد أخطاء فردية. ولكننا بإزاء حالة من الاستهانة بحياة المواطنين والاطمئنان إلى أن أية تجاوزات تقع من جانب الشرطة ستظل خارج دائرة الحساب والمساءلة، وتلك هي الرسالة التي يجب أن يعيها الجميع ـ من غير زعل!