18 سبتمبر 2025

تسجيل

لسنا بحاجة لمؤامرة

03 مايو 2014

أوضاع مصر المقلوبة وضعتنا أمام المفارقة العبثية التالية: أداؤنا في الداخل أصبح أكثر ما يشوه صورة مصر في الخارج، والجهود التي باتت تبذل لتحسين الصورة في العالم الخارجي أصبحت تخاطب الداخل وليس الخارج! هذا المنطوق الذي يبدو صعب التصديق يحتاج إلى شرح. ذلك أن أي متابع للأصداء التي ترددت في أنحاء العالم لأحكام الإعدام الأخيرة التي شملت أكثر من شخص سيجد أنها تحولت إلى فضيحة عالمية شكلت مع الأحكام التي سبقتها بإعدام 500 آخرين إساءة إلى نظام مصر القائم وليس للقضاء المصري وحده. ذلك أنني لا أعرف مسؤولا في حكومة أو منظمة دولية أو في أي منبر إعلامي محترم إلا وأعرب عن صدمته واستهجانه لتلك الأحكام.أزعم بأنه مع استمرار ذلك الأداء المشين، فإن خصوم النظام الحريصين على تشويهه وتيئيس الناس لن يكونوا بحاجة لبذل أي جهد للتآمر من جانبهم، لأن الأداء في الداخل كفيل بتحقيق مرادهم. وهو ما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني وليام هيج حين قال في (28/4) إن الأحكام لا تضر فقط بسمعة القضاء المصري وإنما من شأنها أيضا أن تقوض الثقة الدولية بشأن الإصلاح والديمقراطية بمصر، فقد وصفت صحيفة واشنطن بوست الوضع في مصر بأنه أكثر الأنظمة التي عرفتها قمعا منذ نصف قرن (استفتاحية عدد الأربعاء 1/5)، وفي نفس اليوم أعلنت منظمة العفو الدولية على حسابها الرسمي على موقع تويتر أن قضاة مصر يخاطرون بجعل أنفسهم جزءا من آلة القمع، من خلال قيامهم بإصدار أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة بشكل جماعي. وقد حان الوقت لكي تبرئ السلطات المصرية نفسها وتقر بأن نظام العدالة الحالي ليس عادلا ولا مستقلا أو محايدا، ذلك أن المحاكمة الجائرة التي جرت مؤخرا تعد بداية انتقاص من العدالة وسخرية منها.. كما أن أحكام الإعدام كشفت عن مدى التعسف والانتقائية الذي وصل إليه نظام العدالة الجنائية في مصر، حين عبر عن ازدراء كامل بأبسط المبادئ الأساسية المتعلقة بالمحاكمة العادلة.انتقادات الصحف البريطانية (الجارديان والتايمز والتلجراف) ربما بدت مفهومة، بحكم الاحترام البريطاني التقليدي بالوضع المصري لأسباب تاريخية مفهومة، لكن استفاضة الصحف الألمانية في التعليق على الحدث ذاته تبدو مثيرة للانتباه، من حيث إنها تصور حجم الصدمة في الدوائر الغربية، وقد عرضت بوابة «الشروق» في 30/4 نماذج من تلك الأصداء الألمانية التي عبرت عنها الصحف وأطلقت فيها الأوصاف التالية على الوضع القائم في مصر.صحيفة ميركشه أودر تسايتونج: لا علاقة للحكم الصادر (عن محكمة المنيا) بالعدالة المستقلة. وما يحدث في مصر هو ببساطة استقلال للسلطة القضائية لتحقيق أهداف سياسية، وهذه الأحكام حتى إذا تم تخفيفها فإنها لا تساعد على السلم والأمن، وإنما تزرع اللاسلم والغضب في مصر الممزقة.