16 سبتمبر 2025
تسجيليوم ١٨ يناير أقيم في القاهرة حفل استقبال بمركز الإبداع الفني في الأوبرا بمناسبة عرض فيلم اولمغرول١٨٩٠، وهو إنتاج مشترك بين اليابان وتركيا. كان الداعي إلى الحفل المركز الثقافي الياباني بالقاهرة ومركز يونس أمره للثقافة التركية، وطبقا للتقاليد المتبعة في مثل هذه المناسبات فقد حضر السفير الياباني ليلقي كلمة رمزية في افتتاح الحفل وقبل عرض الفيلم، وكذلك القائم بالأعمال التركي نظرا لعدم وجود سفير بالقاهرة في الوقت الراهن. كان الجمهور خليطا من المهتمين بالأمر من المصريين، فضلا عن أعضاء السفارة اليابانية والجالية التركية في مصر. وحين بدأ الحفل تقدم السفير الياباني وألقى كلمته، ثم فوجئ الجميع بأن إدارة مركز الإبداع قررت عرض الفيلم مباشرة بعد ذلك، حيث تم تجاهل كلمة القائم بالأعمال التركي. فما كان من الرجل إلا أن أخفى حرجه والتزم الصمت، في حين خيمت الدهشة على الجميع.بعد ذلك بعشرة أيام عقد في القاهرة اجتماع منتدى الأعمال المصري التركي، حضره ممثلون عن الغرف التجارية من الجانبين، إذ ضم الوفد التركي عشرة من أكبر رجال الأعمال والصناعيين. وقد أبرزت الصحف المصرية التي صدرت أمس (٣١/١) وقائع ما جرى في جلسة الافتتاح التي تحدث فيها ممثلا الجانبين. ومما قاله السيد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية إن الغرف محظور عليها الاشتغال بالسياسة، ولذلك فهي تقيم فاصلا بينها وبين المصالح التجارية. أضاف أن استثمارات تركيا في مصر تجاوزت ٥ مليارات دولار وأن صادرات مصر إلى تركيا في العام الأخير قدرت بـ١.٢ مليار دولار، في حين أن واردات مصر في تركيا ٢.٧ مليار، ثم أشار إلى أن مصر كانت وستظل بوابة تركيا للتصدير إلى إفريقيا، كما أن تركيا هي بوابة مصر للدخول إلى أسواق شرق أوروبا وآسيا الوسطى.رفعت هيسار أوغلو رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، شدد على ضرورة الفصل بين الاقتصاد والسياسة. ونبه إلى عمق الروابط التي تربط بين البلدين، مضيفا: «إن الصداقة الجافة لا تكفي»، ثم ذكر أن بلاده تتجه إلى إقامة شراكة حقيقة مع مصر، التي تتوفر لها إمكانات واعدة تمكنها من النهوض في المستقبل، منوها إلى أن الإمكانات المصرية لو وجهت على نحو صحيح فإن اقتصادها يمكن أن يصبح من أقوى اقتصادات العالم، وأشار في هذا الصدد إلى أن مصر تعد الشريك التجاري الرابع لتركيا، وأن الشركات التركية العاملة في مصر وفرت ٦٠ ألف فرصة عمل.المقارنة مستحقة بين المشهد المفتقد إلى اللياقة الذي حدث في مركز الإبداع الفني وبين اللقاء الحميم الذي تم في منتدى رجال الأعمال. في هذا الصدد فإن المرء لا تفوته ملاحظة أن جهابذة مركز الإبداع اشتغلوا بالسياسة وتصوروا أنهم يخدمون الأمن والنظام، أما رجال الأعمال فقد ابتعدوا عن السياسة. وحرصوا على خدمة الوطن والدولة. الأولون كانت أعينهم على السلطة وحسابات اللحظة، أما الآخرون فكانت أعينهم على المجتمع وطموحات المستقبل.من ناحية أخرى فإن الإنصاف يقتضينا أن نقرر بأن ما فعله مسؤولو مركز الإبداع ليس تصرفا استثنائيا، لأنني أزعم أن كثيرين من موظفي الدولة يفكرون بنفس الطريقة، إذ أقنعوا بأنهم خدام السلطة وليسوا خدام المجتمع، لذلك فإنهم يخاصمون كل من خاصم السلطة ويصالحون من تصالحه. ولدي مخزون كبير من القصص التي سمعتها من بعض الشخصيات المعروفة عن مظاهر المعاناة التي تعرضوا لها حين غضبت عليهم السلطة، حيث تفننت كل أجهزة الدولة في التعنت معهم والتنكيل بهم، كأنما أدرك الجميع أن العقاب القانوني ليس كافيا. وإنما صارت كل جهة في الدولة مكلفة بأن تشارك من جانبها في إنزال العقاب بغير المرضي عنهم. وهو ما يعبر عن الذوبان في السلطة والانسحاب أمامها ــ لي كلام آخر في الموضوع غدا بإذن الله.