08 نوفمبر 2025

تسجيل

غيرتي على (عمر)!

31 ديسمبر 2012

الفاروق.. ربما ارتعد البعض منكم من هذا اللقب وشعر آخرون بأنهم في حضرة هذا المهيب، بينما وجد البقية أن الحديث لن يختلف عن غيره، فهذا عمر بن الخطاب الذي تناقلت أخباره السير والقصص منذ 1400 عام كان فيها صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفة من الخلفاء الراشدين المبشر بالجنة فما الجديد؟!.. نعم..لا جديد!.. لكني أحببت أن أتناول بمقالي اليوم ما قلته مراراً وتكراراً بأنني إنسانة غيورة وأعرف هذا الطبع في شخصيتي التي لربما لا يفهمها الكثيرون ممن حولي وللأسف بأنني أكتوي بهذه الغيرة العميقة كلما دقت الساعة العاشرة مساءً إيذاناً ببث مسلسل (عمر) الذي سعى تلفزيون قطر مع مجموعة شبكات قنوات الـ (mbc) لإنتاجه وعرضه بنفس التوقيت في شهر رمضان المبارك وصار لغط كبير قبيل عرضه من مؤيد محب لشخصية عمر وكشف جوانب من سيرته الناصعة التي لا يمكن لأي شخص أن يقلل منها مهما حاول وبين معارض — مثلي — يشعر بأن (عمر) أكبر من كاميرات تترصده وأقلام تعرض مواقفه فتصيب حيناً وتخطئ احياناً أخرى!..أكبر من أن (يتشخص) في جسد إنسان لم يعرف عن عمر إلا من خلال سيناريو قدمه له كاتب وجسد الشخصية التي مهما بلغت ذروتها من الإتقان والإجادة فلن تصل إلى جزء يسير مما كان عليه عمر رضي الله عنه!.. نعم والله فقد غرت عليه وأصابتني تلك الحمى المؤلمة وأنا أشاهد أبابكر وعمر وغيرهما من صحابة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أصبحوا في ليلة مؤلف طامح وضحى منتج طامع (ممثلين يقبضون أجراً على إسلامهم وجهادهم ونصرتهم لله ورسوله)!.. من هذا الذي يمكن أن يصل إلى مقام وملامح وشخصية وصوت وجسد وقامة عمر أو أبوبكر ليكون مشهوراً خلال شهر فقط؟!.. من حقي أن أغار على (عمر) إن كان يحق لي كمسلمة قرأت عنه الكثير وتمنت أن يعود إلى عصرها الذي يحتاج إلى ألف ألفٍ مثل عمر وليس إلى من لا يرقى لأن يكون شبيهاً له!.. من الذي يمكن أن يتحمل أن يكون عمر حاضراً بيننا وهو الغائب عنا منذ آلاف السنين؟!.. ماذا علي أن أعلق وأنا أسمع ابن أخي يقول جذلاً وهو يستمع عن سيرة الصحابة من أبي (إي يبه أنا شفت أبوبكر وعمر في التلفزيون على الـ (mbc) وبعد على تلفزيون قطر )؟!.. فهل هذا ما نريد أن نوصله لأطفال يرون من هؤلاء صحابة وهم الأحوج لمن يقتدون به عوضاً عن تمثيل القادة الذين هم في الحقيقة القدوة لأمة محمد بعد نبينا العظيم؟!..نعم غرت والله وقد ظنها البعض جهلاً بما حلله العلماء وحرمه آخرون وأنا لا أريد أن أتلبس عباءة الدين وأحرم فقد بات ذلك سهلاً لمن فاضت به هذه العباءة أو تفضفض بها بالأصح ولكن اعتبروها غيرة فتاة لم تر الخليفة عمر إلا في أمنياتها بأن تلقاه بالجنة فإذا بعض الطامحين والطامعين يعتدون على حلمها بتجسيده هو وصحبه الكرام رضوان الله عليهم في أبدان لا يمكن أن يقنعونا بأنهم يصلون إلى مراتب من يقومون بتشخيصهم خلف كاميرات أخشى أن تكون شاهداً عليهم يوم القيامة فتفضي بما أراد أصحابها كتمانه!.. من هؤلاء الذين تجرأوا على تجسيد بطل الإسلام الذي كانت الأرض تهتز من تحت قدميه ويكاد عدوه أن يغير مسار طريقه إن شاهد الفاروق في مفرقه؟!.. وإذا كان شيوخ مثل العلامة القرضاوي والدكتور سلمان العودة قد راجعوا النص المكتوب فإنهم حتماً لم يصلوا إلى عمق الشخصية بأنها يمكن أن تتحرك بيننا ولا يفصلنا عنها غير شاشة التلفاز وبعض الغبار المتطاير على صفحتها!..وأتمنى حقيقة أن يكون هذا عذرهم مثلما قال الشيخ العودة بأن دوره لم يتعد مراجعة النص فقط دون الدخول في تفاصيل أخرى!.. فمن يمكنه أن يشبه من عدل وامن فنام؟!.. من يمكنه أن يشبه شخصاً لو تدارس كل القادة العرب والمسلمين سيرته وأخلاقه لتوقفت عقولهم عن استيعاب آلاف الجزيئات فيها ولما استطاعوا أن يصلوا إلى حكمته في حكمه واعتداله في عدله وإن حاولوا؟!.. واليوم يأتي تلفزيون قطر بعد أن تمايلت خيالات مرئية للسيدة عائشة وآل بيت الرسول الكريم وصحابته رضوان الله عليهم جميعاً في مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي ليجسد كل هؤلاء حقيقة بشر يتكلمون ويأكلون ويتغزلون بزوجاتهم وكأنهم ماتوا بالأمس فقط وكانوا فعلاً بيننا وصورهم ماثلة نعرفها جميعاً!.. هي الغيرة!.. أعلم بأنها تلك الحمى المستعرة التي يشتد وطيسها كلما قاربت عقارب الساعة بلدغي، الساعة العاشرة مساءً تؤذن بأن عمر سيزورنا وأبابكر سيمر على بيوتنا بيتاً بيتاً وعلي وحمزة وخالد وغيرهم سنراهم بطموح تلفزيون قطر وطمع الـ (mbc) المحترمة..المحترمة جداً جداً! فاصلة أخيرة: القرقيعان.. فرحة شعبية للأطفال..لا تدخلوها في حسابات الحلال والحرام والبدع المضلة!.. فليس من ورائها سوى ضحكة طفل وكيس مملوء بالحلوى وشوارع تنبض بالحياة بعد التراويح!