07 نوفمبر 2025

تسجيل

تركيا تقترع

31 أكتوبر 2015

للمرة الثانية خلال أقل من خمسة أشهر يتوجه الناخب التركي إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليه في البرلمان، يتنافس في الانتخابات 29 حزبا ويقترع أكثر من 56 مليونا.الانتخابات الماضية في السابع من يونيو أفرزت برلمانا يتمثل فيه أربعة أحزاب تكاد تعكس كل الناخبين، حيث إن الأحزاب الخاسرة مجتمعة التي لم تستطع أن تنال عشرة في المائة الضرورية لدخول البرلمان لم تحصل أكثر من 3 إلى 4 في المائة، أي أن ما لا يقل عن 95-96 في المائة من الشعب التركي ممثل في البرلمان وهذا ربما أعلى نسبة في تاريخ تركيا. بينما على سبيل المثل فإن الانتخابات التي حملت حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 أسفرت عن دخول الحزب بنسبة 34 في المائة مع حزب الشعب الجمهوري بنسبة 20 في المائة بينما أخفقت كل الأحزاب الأخرى في نيل العشرة في المائة فبقيت خارج البرلمان. وكان ذلك البرلمان يمثل 54 في المائة فقط من الأتراك بينما بقي 46 في المائة دون تمثيل.كثافة الإقبال على التصويت من جهة وانقسام المجتمع إلى أربع كتل بشكل حاد حال دون أن تذهب أصوات كثيرة إلى أحزاب صغيرة لا أمل لها بالنجاح.الأحد المقبل ستكون تركيا على موعد مع بداية مرحلة جديدة من تاريخها بمعزل عن الفائز.في التوقعات وهذا هو السؤال الذي يترقبه الجميع داخل تركيا وخارجها فإنها متباينة ومتناقضة بحيث لا يمكن الجزم بمن سيربح وبأي نسبة فضلا عن أن السيناريوهات التي ستلي الانتخابات ستكون محور النقاش بدءا من لحظة ظهور النتائج.في التوقعات أولا إن حزب العادلة والتنمية يدخل الانتخابات بسقف منخفض جدا وهي أن ينال النصف زائد واحد من عدد مقاعد البرلمان أي 276 نائبا بعدما نال المرة السابقة 258 نائبا فقط. ونقول بسقف منخفض لأن طموح العدالة والتنمية المرة السابقة أن ينال ثلثي المقاعد أي 367 أو على الأقل 330 مقعدا لتحويل أي تعديل دستوري للنظام الرئاسي إلى استفتاء شعبي.لم تصح توقعات الحزب بل تراجع من 327 نائبا إلى 258 نائبا. منتهى طموح الحزب الأحد المقبل أن يعود منفردا بالسلطة بـ276 نائبا، أما المشاريع الأخرى مثل النظام الرئاسي فلكل حادث حديث. وهذا السيناريو يجنب البلاد الدخول في متاهات الحكومة الائتلافية أو غيرها من التعقيدات والمفاجآت. ولكن هذه النتيجة إن حصلت لا تعني الاستقرار كما يأمل قادة الحزب إذ إن الأزمات الداخلية والإرباكات الخارجية كانت بدأت تتفاقم منذ أكثر من سنتين وكان الحزب بمفرده في السلطة وبـ327 نائبا. يحتاج الحزب لتحقق هذا السيناريو أن تزيد نسبة أصواته من 41 في المائة الحالية إلى 43-44 في المائة على الأقل. قد لا يكون تحصيل هذه النسبة مستحيلا لكنه إن حصل فسيكون كما يقال بشق النفس وبصعوبة، بعض الاستطلاعات تعطيه هذه النسبة والبعض الآخر لا تعطيه وبعضها الآخر يقول إن نسبة أصوات الحزب ستتراجع عن الانتخابات الأخيرة.حزب الشعوب الديمقراطي الكردي تخطى عقدة العشرة في المائة وتعطيه الاستطلاعات بارتياح من 12 إلى 14 في المائة. التنافس الآن على المركز الثالث مع حزب الحركة القومية الذي تتوقع استطلاعات الرأي تراجع نسبة التأييد له من 16 إلى 14 في المائة وهذا يصب في مصلحة حزب العدالة والتنمية. لكن الكلام هنا أن حزب الحركة القومية سيتراجع عدد نوابه عن الثمانين نائبا أي أقل من نواب حزب الشعوب الديمقراطي.أما حزب الشعب الجمهوري فتعطيه الاستطلاعات زيادة طفيفة من 25 في المائة نالها المرة الماضية إلى 27 في المائة ليبقى حزب المعارضة الرئيسي بـ132 نائبا وربما أكثر.خارج حصول حزب العدالة والتنمية على النصف زائد واحد فإن السيناريوهات لحكومة ائتلافية كثيرة جدا منها بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري ليكون ائتلافا قويا جدا لتركيا بين الكتلتين الإسلامية والعلمانية. أو بين العدالة والتنمية والقوميين الأتراك وهذا هو السيناريو الأكثر سلبية لأنه يوجه رسالة خطيرة إلى تعمق الصراع الإتني في تركيا.يبقى أن خيار الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة جديدة ليس مستبعدا تبعا لحسابات رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بالذات. وكيفما اتفق فإن تركيا وسط الاستقطاب الحاد الداخلي والمخاطر الخارجية تحتاج إلى معجزة وحكمة عالية لتجاوز التحديات.