08 نوفمبر 2025

تسجيل

حرية التنقل وحرمة المسكن

31 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حرمة المسكن وحرية التنقل للإنسان والإقامة أمور مفروغ منها، وتعد من أبجديات التصور الإسلامي لحقوق الإنسان. ففي القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ النور 27، 28. وتعد حرية الانتقال والهجرة والرحلة والسفر من أهم الحقوق الأساسية الفطرية التي حفظها الإسلام للإنسان دون إبداء الأسباب - كما يقرر الفقهاء -، فسواء كان الباعث طلبه لتحسين معاشه، أو بحثه عن الأمن أو حتى زيارة إخوانه أو النزهة، فهذا شأنه الشخصي وهو لا يسأل عنه ما دام غير مقيد بحق للعباد أو حد لله. وقد وردت السنة بحفظ المساكن وحمايتها من نظرات أي متلصص ومعتد تسول له نفسه الآثمة أن يعتدي على حرمة أصحابها بالنظر إليها فيكشف العورات، أو تقع عينه على المحرمات. فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل كشف سترًا فأدخل بصره من قبل أن يؤذن له، فقد أتى حدًا لا يحل له أن يأتيه، ولو أن رجلًا فقأ عينه لهدرت " أى لم يكن لها دية. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. وقد تكفل الإسلام لكل فرد تحت مظلته، كما جاء في البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام أن تكون له حرية الحركة والتنقل من مكان إقامته وإليه، وله حق الرحلة، والهجرة من موطنه، والعودة إليه دونما تضييق عليه أو تعويق له، قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ﴾ الملك 15، وقال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثم إنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ الأنعام 11، ﴿ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا ﴾ النساء 97. ومفردات حرية التنقل والإقامة في الإسلام تأبى أن يكون هناك شيء يسمى: "ممنوع من السفر" دونما موجب شرعي أو سند قانوني كما هو الحال الحادث في بعض الدول المتخلفة التي لا تؤمن بحقوق إنسان ولا حيوان. ومن ثم لا يجوز إجبار شخص على ترك موطنه، ولا إبعاده عنه تعسفًا دون سبب شرعي: "يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله، وكفر به، والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله" البقرة 217. وأحكام الإسلام تعاضد هذه الحرية، وحسبنا أن الحبس أو النفي والإبعاد ــ كما يقول الشيخ عبد الوهاب خلاف ــ عقوبة لم يذكرها القرآن إلا جزاءً للذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادًا. قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ المائدة 33. ولقد جاء في المادة 7 من الدستور الذي أعده الدكتور علي جريشة (للمساكن حرمة، لا يجوز دخولها بغير استئذان واستئناس، ولا يجوز تفتيشها إلا في حالة الضرورة القصوى وبإذن قضائي). وقد نصت المادة (31) من الدستور الذي أعده مجمع البحوث الإسلامية على أن (حق التنقل داخل البلاد وخارجها متاح، ولا يمنع من السفر إلى الخارج إلا بحكم قضائي يبين القاضي أسبابه، ولا يجوز نفي المواطنين ولا إلزامهم البقاء في مكان دون آخر). هذه الأبجديات الحقوقية للأسف ينعم بها اليوم غير المسلمين، وتناكرها القوم الذين نزل فيهم القرآن.