08 نوفمبر 2025
تسجيلقراءة أمريكية نزيهة للفرص العربية الضائعةد.أحمد القديديرحل عن عالمنا المفكر الأمريكي أستاذنا ( ألفين توفلر) منذ مدة قصيرة وهو أشهر علماء استشراف المستقبل و كان كل كتاب يؤلفه يشكل حدثا ثقافيا وحضاريا متميزا على صعيد العالم بأسره. الغريب أن هذا العالم المتميز حلل قبل 37 عاما ما نعيشه اليوم حين أكد أن مؤسسة الحكم الأمريكية سوف تشهد انعطافا من منطق المؤسسة (السيستم) إلى منطق الشعبوية كما قال أن الشرق الأوسط بسبب غفلة نخبه عن تدارك الأخطاء و بسبب تعقيد تركيبته الإثنية و الطائفية سوف يدخل في مهب أزمات قاسية خلال القرن الحادي و العشرين و أن الاتحاد الأوروبي سوف يتجزأ و ينفرط عقده. كان كتابه الأول الشهير ( صدمة المستقبل) أهم حدث في دنيا الأفكار عند صدوره عام 1980 و توالت كتب هذا العلامة رائد علم استشراف المستقبل تحمل بذور التحولات العملاقة التي شهدها عصرنا.صدر عام 1990 كتابه الثاني ( مصادر القوة الجديدة للأمم) ليمهد لمصير أفضل للإنسانية من خلال تغيير مناهج التفكير والاقتصاد و التربية بفضل قراءة أعمق لما طرأ على العالم من ثورة تكنولوجية و ما حدث من فجوات رقمية بين الأمم و ما طلع على العالم من قوى جديدة عوضت القوى القديمة حين انخفض تأثير الزراعة والصناعة و حتى القوة العسكرية و بدأ يهبط سهم الطاقة الطبيعية في إضفاء التأثير على الأمم في الرفاه و التقدم و المناعة و الاستقلال و تعاظم تأثير المعرفة وحين ضمرت فاعلية الدول لتحل محلها فاعلية الشركات العابرة للقارات و المنظمات غير الحكومية وأصبح الإنسان الفرد سيد ثقافته بفضل الكمبيوتر و وسائل الاتصال الحديثة. كانت دائما كتب ( توفلر) محطات فكرية شديدة الأهمية حين تؤشر مع كل عشرية لما يميز الحضارة الحديثة من معطيات التحول و التغيير. وصدر هذا الأسبوع كتابه- الحدث بعنوان ( الثروة الثورية) و مثل كل مؤلفات ( توفلر) فإنه ترجم بسرعة إلى لغات العالم ومنها الفرنسية باستثناء اللغة العربية بطبيعة الأمر كأنما لتأكيد الاستثناء العربي من دورة التاريخ و الفكر و القفزة الحضارية التي تنجزها الأمم. فنحن في غفلة تاريخية نتضرع الى الله وحده أن يوقظنا منها كما أيقظ أهل الكهف ! و ليس من اليسير تقديم كل ما جاء في هذا الكتاب الهام من رؤى و تحليلات ولكننا اخترنا ما يهم القراء العرب أي تشريح العلامة ( ألفين توفلر) للحالة العربية الراهنة أمام ثورة التكنولوجيا و تغيير المعادلات الدولية. و بالطبع فإن المفكر الأمريكي تأمل في الحالة العربية من منظور المصلحة الغربية و العالمية و تحديدا الأمريكية لأنه مثلما قال فإن العرب يتميزون بتواجد أمتهم على رقعة من الأرض خطيرة التقلبات السياسية و في نفس الوقت حمالة لثروة نفطية و غازية ما يزال العالم يحتاج لها في صناعته. و اذا أوجزنا قراءة الكاتب للواقع العربي فاننا نؤكد معه على أن العرب لم يفلحوا في ركوب الموجة الثالثة أي عصر المعرفة واعادة النظر في مناهج التربية والتعليم بإعطاء الأولوية للكيف على حساب الكم ثم تنصيب العلوم والمهارات التقنية على رأس التعليم و المجتمع .