08 نوفمبر 2025

تسجيل

منظومة المصطلحات أساس المشروع التنموي

31 يناير 2016

"أن يكون لديك مشروع هو تبدأ بالتعبير عنه ووضع الكلمات والمصطلحات وتكوين الأفكار حوله ثم تطويره من حيث المراجعة أو التنقيح".. وهكذا تكون الكلمات والمصطلحات هي الأرضية التي يتكون عليها البناء الفوقي لرؤيتك، وهكذا تبدأ الحديث عن رؤيتك ومشروعك وتستمر في التعبير عنه ومحاولة تسويقه لدى الآخرين ليأخذ حيزا في مخيلة من يعمل عليه، ومن يراد أن يكون جزءا من المشروع أو يتأثر به يتم دراسته من قبل الآخرين وتقييمه ونقده..هذا كله يحدث في عالم الكلمات ويتم صياغة المصطلحات ويدعم بالمنطق والأسباب والمسببات ويدخل دائرة الحوار والجدل.. فإن كنت واعيا لمدى أهمية الانتباه على الكلمات لأنها المادة التي يتكون منها المشروع ولذلك فإن أول ما يواجهنا هو كيفية صياغة المشروع لإيصال الفكرة للآخر المشارك فيه أم الآخر المجاور له.. فكلمة نصر تعني أن أحدا دخل حربا ويعتقد أنه فاز في تلك الحرب.. الآخر قد يستخدم مصطلحا مثل إنجاز لأنه دخل مشروع تنمية.. شتان بين هذا وذاك.. هذا ينظر لمشروعه على أنه حرب على الآخر ومفهوم التنمية التي تسكنه هي التوسع على حساب الآخر في الأرض أو في الموارد وهذا ما يعرف بمصطلح الاستعمار والاستيطان الأمم منذ بداية الخليقة لابد أن تختار بين التسلح والتوسع تحت اسم تكوين إمبراطورية والكل يعرف تلك الإمبراطوريات التي لم تجلب للعالم أي خير فبعض الأمم تعرف كونها إقامة إمبراطورية، والقليل يعرف أنه أقام حضارة والفرق عظيم بين من يكون الأساس في سعيه هو العنصرية وتفضيل عنصر على عنصر وبين من يرى أن البشر سواسية.. لقد أقامت الأمة العربية حضارة هكذا توصف من قبل الجميع لم تكن إمبراطورية عربية بل حملت الأمة فكرا للعالم، ولم تخرج لكي تكسب موارد أو تكسب أراضي، ولذلك فإن كلماتها ومفرداتها كانت تعكس مشروعها الإنساني "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله".. ليس في هذا مطمع بل بذل العرب كل ما لديهم لإبلاغ بقية الأمم برسالتهم واليوم يدين لها ثلث البشرية ولكن بدأت بالكلمات والمعاني والمصطلحات الفريدة والأصالة في الفكر والأهداف.. وهكذا أنجزت الأمة رسالتها بحضارة لا زالت البشرية تدين لها ونحن اليوم نعود لنكرر ما قمنا به في الماضي من الحرف إلى الرقم إلى عالمنا العالم، ونحن اليوم مشغولون بالتنمية ومصطلحات التنمية فالنصر ليس من مصطلحاتنا بل الإنجاز ولذلك عندما يقال إننا غضبنا لأن دولة وقعت اتفاقية في ظاهرها السلم هذا لا يجوز أن يقال عنا بل نحن سعيدون به، ولكن المصطلح ليس في مشروعنا ولن نجذب لمشروع الآخر على حساب مشروعنا في اللحظة التي نستخدم مصطلح الآخر نكون قد تخلينا عن مشروعنا عن وعي أو غير وعي، ولذلك فإن مشروعنا هو التنمية ومصطلحات التنمية في إقليمنا العربي بعيدة عن التجاذبات.. وفي حال استخدمنا مصطلح الطائفية فقد وقعنا في المحظور، إدخال ذلك المصطلح والتداول فيه يعني أننا نشارك في نشر مشروع الآخر بل مصطلحنا هو الأمة العربية ومصطلح الطائفية تفتيت له لا ننشغل بمشروع الآخر هذا الآخر في الإقليم أو في العالم هو ليس من مشروعنا المصطلح الآخر هو الإرهاب هذا ليس من مصطلحات مشروعنا فلا نعلم من وضعه ولا متى يتم استخدامه، ولماذا وفي معظم الأحيان يستخدم من أجل ضربنا ولذلك استخدام أي مصطلح دون أن يخدم مشروعنا هو تخل عن مشروعنا ودعم لمشروع الآخر، ويتم تسخيرنا من أجل خدمة الآخر من خلال الكلمات والمصطلحات لأنها تؤسس للمشروع أي مشروع فلا ننقاد تحت الحمية أو العاطفة أو حتى الضغوط فتدفعنا لاستخدام ما أرادنا الآخر استخدامه، فذلك فوز له وخسارة لنا فالصبر الصبر والحذر الحذر من الاندفاع تحت شعار لا نعلم من يخدم ولا من يريد بنا الشر.."ففرق تسد" تظلل بكلمات مثل الطائفية فلا تستطيع الدول الاستعمارية ولا الدول الطامعة دخول عرين العرب إلا بعد تفتيته وبأيدي أبنائه أولا منذ الغساسنة والمناذرة كلهم يعلمون أنه عندما تجتمع هذه الأمة فلا قدرة لهم على مقارعتها وما سيربط الأمة وما يوحد كياناتها هو التنمية فالشواهد أمامنا ومن يدعي أننا غاضبون فليراجع سجله مع أهله وقومه وشعبه، نحن اليوم لدينا مشروع تنموي بعيدا عن العنف وسفك الدماء وإذا ما نظرنا حولنا خلال العقود الماضية وفي الوقت الذي نتهم فيه أننا أهل إرهاب نحن من بني المدن والمطارات ومن خطوط طائراته هي الأفضل عالميا وموانئه هي الأفضل والأحدث واستثمر في التعليم والصحة وبذل كل جهده في صالح أمته وشعبه وهم مشغولون بالقتال وابتكار الأسلحة وخلال العقود الماضية تهالكت البنية التحتية لديهم وانشغلوا بالقتل والقتال وقاتلوا من الفرق من أنشأوا من القاعدة وداعش وهذه نتيجة لأعمالهم من تدمير أفغانستان إلى تدمير العراق وهم شركاء ويكيلون الاتهامات، وهي فرق تكونت بدعمهم لخدمة مشاريعهم وهي دول إرهابية دمرت دولا وأنتجت إرهاب الانتقام ويكيلون الاتهامات لنا، ونحن في صمت مطبق ولكن من الذي يجب أن يرد كل دولة عربية لم توكل بالرد فيضيع شأننا ولذلك فإن الوحدة تضعنا على خريطة العالم فهناك من يرد لأنه معني بالرد ومسؤول وسيحاسب إن لم يرد.. أما الآن والأمة فرق فمن هو المسؤول، وعندما نقول إن مشروع الأمة يجب أن يكون الوحدة والتنمية هي سبيله يقال خيال، بل هي الحاجة والضرورة.. فلنا من الإنجازات ما لا يمكن لهم إنكاره فاليوم دولنا تملك المطارات العالمية التي تنمو وتخدم الإنسانية وتجاوزت أهم مطاراتهم من هيثرو إلى ميلانو ولا زلنا في البداية ونمد أكبر الدول بالطاقة النظيفة من بريطانيا إلى كوريا إلى اليابان وغيرها ونمد العالم بالطاقة، ونحن سلة العالم الغذائية فالبترول النظيف عالي الجودة يقدم من قطر للعالم ويغذي أكثر من ثلاثمائة مليون إذا ما أضيفت بقية دول المنطقة فنحن نغذي أكثر من مليار من سكان العالم فكيف يقال لنا إننا إرهابيون كيف نقبل بمصطلحاتهم وننساق وراء مشاريعهم بل نخلق منظومة مصطلحات تخدم أولا مشروعنا ثم شعوبنا وتحصن الأمة من الوقوع في كلماتهم ومصطلحاتهم فننشغل عما نحن بصدده من الجغرافيا إلى الموارد إلى الصناعات إلى الاستثمارات التي تخدم العالم وخفض التلوث وخدمة الإنسانية ونحن الإرهابيون.. ياعجبي ياعجبي أين نحن وأين مصطلحاتنا التي نواجههم بها أما هي عقيمة أو عشوائية أو غير مدروسة لا بد من العودة لخلق منظومة من المصطلحات تخدم مشروع التنمية خالصة لخدمة الأمة بعيدا عن مهاترات مشاريعهم.