13 نوفمبر 2025
تسجيلالتعامل مع الطفل أمر في غاية الصعوبة واعني بذلك فهم ومجاراة مخيلته الصغيرة، والمشكلة تكمن في التواصل او بالاحرى طريقة الإقناع وتمرير الأسلوب الصحيح لتحقيق رغبة كل اب في ان يرى اولاده تحيط بهم الأخلاق العالية، وتنتشر الحوارات عبر وسائل الإعلام المختلفة لمناقشة مشاكل الصغار وتحديدا العنف الأسري الذي اطل بوجهه الكئيب وهو افراز مقيت ومعيب في نفس الوقت للظروف والمعطيات الحضارية المختلفة، في الوقت الذي يتم فيه تعبئة الأطفال والعبث بمخيلتهم دون ادراك للتبعات من خلال المواد التي تقذفها بعض وسائل الإعلام وخصوصا المرئي وتأليبهم بشكل غير مباشر او بالأحرى غرس التمرد سواء على القيم او على طريقة التعامل مع ابائهم وامهاتهم، في حين ان الهدف ربما يكون في بعض الأحيان سليماً غير ان الوسيلة او بمعنى ادق التمرير يصادر الهدف حينما ينعكس المراد فهمه من بناء الثقة والاعتداد بالشخصية وحماية الاعتبار على سلوك الطفل، والأمر الذي اود التطرق اليه وما يخص الحوارات المختلفة والتي تناقش هذه المسائل لاسيما العنف الأسري والبحث عن الحلول فيما يغيب عن هذه الحوارات الطرف المعني في القضية وهم الصغار، فمداخلات الصغار من خلال هذه الحوارات من الأهمية بمكان لنسمع من الصغير ونسأله ونحاوره ونناقشه وننزل الى مستوى فهمه بلوغا الى حمايته ، ولما كان لكل فعل رد فعل فإن منشأ المشكلة الفعل الصادر من الصغير والذى بناءً عليه ارتفع ضغط والده او والدته وفق ادراك الطفل المحدود وتلقائيته غير ان هناك دافعا مستقرا في عقله الباطن اي انه اكتسب صيغة الاستفزاز ولم تكن بحال من الأحوال واردة في مخيلته وحينما نصل الى السبب الذي انبنى عليه توجه الصغير واستثارة الجانب العدائي لديه حينئذ نستطيع ان نعالج المسأله طالما عرفنا السبب، وللوصول الى التشخيص السليم والدقيق فإن هذا قطعا يحتم مشاركة المعني بالمسألة وهو الطفل بعيدا عن التنظير وعرض المشكلة من واقع الرؤية الخارجية العامة بي ان الشيطان يكمن في التفاصيل ولكى نقطع دابره فلابد من الخوض في التفاصيل، وعندما يرزق الإنسان بطفل أو طفلة، فإنه يشكر المولى تبارك وتعالى& nbsp ويدعوه لأن يحفظه ويصلحه ليبدأ المشوار، وتتخذ الرحلة التربوية أنماطاً مختلفةً طبقاً لمواكبة المدارك وإذ يتسع الأفق شيئاً فشيئاً تبرز الصيغ المختلفة لتعليم الصغير وتأديبه وتوجيهه في ظل رعاية أبوية حانية، غير أن ما يؤسف له هو اتسام البعض في هذا المجال بالرعونة، وفي هذه الناحية بالذات وفقاً لسوء الفهم لطبيعة الصغار من ناحية والقصور المعرفي من ناحية أخرى فتجد البعض يتعامل مع الصغار وكأنه يتعامل مع الكبار، بمعنى أنه يصور الواقع من زاوية واحدة وهي التعامل مع الخطأ بأنه خطأ، بغض النظر عن التعامل مع مصدر الخطأ فضلا عن البحث عن اسباب الخطأ وقد يكون الأب من هيأ الأسباب بوجود هذا الزخم الإعلامي من المواد، فالصغير قطعاً سيرتكب الأخطاء لأن أفقه الصغير لا يحتمل إدراك مغبة الأخطاء، لذا فإن التعامل مع الصغار يجب ان يكون تبعاً للمراحل العمرية المختلفة وبمنظور مرن يتيح الفرصة للفهم والتصحيح وتأصيلاً لمفهوم الرحمة في اطار الألفة والروابط الأسرية، فضلاً عن عنصر الأمانة بهذا الصدد وهذا أمر بالغ الأهمية لأن الأب مسؤول مسؤولية كاملة تشاركه الأم بطبيعة الحال عن تربية الصغار، وإذا مرض أحدهما — لا قدر الله — فإنَّ الأب يهرع إلى الطبيب وهو يدعو خالقه بأن يشفي فلذة كبده، وحينما يخطئ فإنه لا يتورع عن ضربه بأساليب تفتقر إلى الحس الإنساني في غلظة لا تلبث أن تخلف وراءها تراكمات سلبية، لا تصيب صحة الصغير فحسب بل تذهب أبعد من ذلك حينما تورث نسقاً عدائياً، يجر خلفه اهتزازات لا تبرح أن تؤثر في شخصيته، وما يحدثه هذا الأمر من ارتباك في المستوى الذهني فضلاً عن نشوء حالة من الكره وهذا الكره ليس لأبيه، بل لقسوته عليه وبالتالي فإنه ينعكس تلقائياً ضد الأب، ولم تكن القسوة عنصراً فاعلاً في التأديب بقدر ما تعد معولاً يقوض عرى الترابط الأسري ويفشي حالة انعدام التوافق في تكريس للاهتزاز، وما ينسحب عليه من آثار سلبية على تعليمه وصحته بل على مستقبله، الاستفزازات التلقائية التي تصدر من الصغار لم تكن أنت من يعاني منها، فأطفال العالم لا يخلو منهم أحد في الانسلاخ من هذه الطبيعة الفطرية، بل ربما وأنت صغير كنت تمارس أشد منها، غير أن والدك يدرك هذا الأمر بخبرته وخوفه من خالقه، ومن ضمن الأساليب المؤثرة في تقديري كنوع من التأديب أو العقاب أسلوب الحظر الاقتصادي، بمعنى أن تمتنع عن شراء لعبة له أو حلاوة، حينئذ فإنه سيربط الخطأ بالمصلحة، ولا أعتقد بأنه سيضحي بالمصلحة لا سيما أنه مرتبط بالألعاب والحلويات وخلافها، هذا الأسلوب الحضاري الراقي كفيل بتعليمه وتأديبه، بعيداً عن (العقال)، و(العقال) صنع ليكون فوق الرأس لا فوق الظهر، وقد ينشأ الطفل في صراع مرير مع مجاراة المعطيات، وهذا في الغالب ينتج من اختلاف النمط التربوي بين الأم والأب، فالأم تفرط في دلال صغيرها بموجب محبتها له وعطفها عليه، والأب تطلع (قرونه) لأسباب تافهة ولا تستوجب كل هذا الأمر وربما يكون قد خسر في الأسهم اوفي امر آخر فيرتبط التأزم من خسارته مع سلوكه تجاه أبنائه، وهذا الخلط المريع مقبرة للإنصاف فضلاً عن التعقل، وكذلك قد يسهم دلال الأم الزائد في جرأة الولد أمام والده ليوقعه هذا القياس المتذبذب أمام فوهة مدفع الأب الذي لم تنقصه ذخيرة الخسارة ليحيلها إلى جسد ابنه النحيل، مقرونة بالعبارات إياها من حيوان إلى كلب، وقد يخطئ في ذروة الانفعال ويقول ابن الكلب، وهنا فقط يكون قد أنصف لأنه لا يختلف عنه كثيراً طالماً كان هذا دأبه وطريقته المعوجة في التأديب، ولاحتواء هذا التأزم المنبعث من هذه الهزات الارتدادية فإن السبيل إلى ذلك يكمن في تحقيق الحد الأعلى من التوازن بكل ما يحمله من أساليب راقية لا تجانبها الحكمة، ولا يغيب عنها العقل الفطن، ومن أبرزها بلا ريب هو توافق الزوج والزوجة على الأطر التربوية لكيلا ينسف التناقض الاستقرار النفسي والفكري للطفل، فالأم تشحن الطفل وتؤلبه من جهة وهذا أخطر ما في الأمر، لأنها ستكتوي بنار هذا الشحن حينما يبيت التمرد ملازماً للطفل، وقد يتعدى هذا الأمر نطاق الأسرة إلى المجتمع، وهذا ما لا ترغبه حتماً كل أم، فضلاً عن (العلقة) الساخنة أو الباردة التي سيأكلها من والده، وقد عشت تجربة مريرة مع هذا الوضع قبل وقت طويل واتخذت قرارا اعتبره جريئاً وخلاقا وقطعت عهدا على نفسي بعد ان اكل ابني علقة ساخنه ندمت بعدها ندماً شديداً بألا اضربه ابداً واتبعت اسلوب الحظر وبت اتُحمل واتحمل شيئاً فشيئاً وبدأت اتكيف مع هذا الوضع الجديد والمفرح بالنسبة لي مع العلم ان عدد شعرات رأسي البيضاء تضاعفت خلال هذا الفترة وارجو الا يتسرب عددها لكي لاينشرها ويكليكس في وثائقه. فإلى الآباء والأمهات الرحمة.. الرحمة.. الرحمة.. بفلذات الأكباد، خذوهم بالرأفة والحنان، واجتنبوا غضب الكريم المنان، فرحابة صدوركم لا أخالها الا متسعاً لمشاكسات الصغار، وعقولكم الكبيرة لن تعدم الحكمة بإذن الله في احتواء تجاوزاتهم، في صقلهم وتربيتهم وتأديبهم حفظ الله الصغار والكبار، وجعلهم ذخراً لوطنهم ومجتمعهم أبناءً بارين مخلصين لدينهم إنه على كل شيء قدير.