11 نوفمبر 2025
تسجيلمن الذي يمكنه أن ينظر إلى العراق اليوم ولا يحزن أو يتألم للحال التي وصل لها هذا البلد العربي العريق؟! من الذي يمكنه أن يرى ما يحدث في هذه الدولة التي كانت تسمى يوما روسيا العرب لشدتها وقوتها وعدتها وعتادها ولا يمكنه أن يأسف للوضع السيئ الذي باتت تعيشه الآن؟! من منا لا يمكن إلا أن يتحسر على أيام العراق وهيمنة العراق ومكانة العراق والصفوف الأولى التي غادرها العراق منذ عقود وقد كان يتسيدها ولعقود أيضا؟!. اليوم يعيش العراق انتفاضة شوارع لا تبدو أنها ستكون آمنة على الأرواح بعد سقوط قتلى من المتظاهرين الذين رددوا ما اعتادت شعوب الثورات المضادة أن تطلقها وهي المطالبة بإسقاط النظام وكأن الأمور ستكون أفضل حين يسقط حكم ويحل آخر خصوصا في العراق الذي استطاع بمساعدة الأمريكان ان يسقطوا حكم صدام حسين بعد الفخ القاتل والخطأ الجسيم الذي سقط فيه وهو احتلال دولة الكويت وتحرك العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الخليج جميعا لتحرير الكويت العزيزة من هذا الاحتلال الغاشم الذي دفع صدام حكمه وحياته ثمنا له ولتقم بعده عروش في الحكم والتي نتساءل اليوم والثورة في هذا البلد تنتفض انتفاضة الرجل الغاضب الثائر ماذا فعلت كل هذه الحكومات المتتالية للعراق؟! ماذا قدمت له وماذا أعطت وكم أخذت لتثور شوارع العراق عن بكرة أبيها ؟! ماذا تغير في هذه البلاد الجميلة لنقول بأن ما مضى أفضل من القادم بكثير؟! فرائحة الدم لا تزال تسكن كل زاوية فيها والإرهاب يعشعش في بعض ثناياها حتى وإن كنا احتفلنا منذ بضعة شهور لما قيل إنه كان تطهيرا من كل عناصر داعش وتناسينا بأن الخلايا النائمة منها أشد خطرا من الظاهر فيها، واليوم تعيش العراق مظاهرات وثورة مضادة وكلها تدعو لإسقاط النظام الذي لا نعرف كم فيه شخص يحكم ليسقط، ومن الذي يجب فيه أن يسقط ليتحقق المراد لهذا الشعب الذي نراه هو من يسقط اليوم بينما الحكومة صامدة وباقية ولا يبدو عليها نية الرحيل أو حتى السقوط !. بالأمس دخل مكتبي أحد الصحفيين ليبادرني بجملة (لم تبق دولة عربية إلا وفيها مظاهرات إلا لبنان ففيها سياحة المظاهرات) ! فسألته عن العراق فقال لي (الوضع أسوأ مما ترينه وتنقله الفضائيات.. هذا البلد لم يجد الراحة التي ينشدها منذ عام 2001 والمجنون وحده من يصور لنفسه او للآخرين أن العراق ارتاح بعد دخول القوات الأمريكية بلاده فرغم أن صدام حسين كان ديكتاتوريا وهذا أمر لا خلاف فيه إلا أنه كان يمسك البلد وكان يلجم إيران التي لم تكن بذاك الصيت وتلك القوة وتلك الهيمنة التي نراها في الشأن العراقي كما نراها اليوم). ولعل ما قاله هذا الزميل لمس بعضا من الحقيقة التي يتحسر عليها العراقيون اليوم الذين كانوا يشتكون من حكم صدام ومن جبروته ونرجسيته لكنهم باتوا أكثر النادمين على الاحتفال يوما بسقوطه رغم كل ما كان يمثله حكمه آنذاك ولكن العراق كان يبدو اكثر تمسكا ووحدة وترابطا وقوة وصيتا ذائعا على الواقع الذي يعيشه اليوم وهذا أمر يشعر به الشعب لا الحكومة التي ترى تلك الحقبة الصدامية قد ولت وراحت لكنها لم تحسب أنها يمكن أيضا أن تكون حقبة قادمة ستكون من الحكومات التي يمكن أن تُرمى وتسقط ولا يعود أحد ليتذكر حسناتها ما دامت سيئاتها قد غلبت وتغلبت وأغلت الشعب ضدها غليانا لا سكون بعده!. فاصلة أخيرة: حمى الله بلد الرشيد من كل مكروه وعظم الله أجر من رحل منه غدرا. [email protected]