16 نوفمبر 2025

تسجيل

الكفاءة لا تكفي للقيادة!

30 أغسطس 2016

هل الكفاءة وحدها في العمل تكفي لتولي المناصب القيادية؟ منكم من يقول نعم، ومنكم يرى خلاف ذلك، إذ ليس شرطًا أن تتولى منصبًا أعلى لأنك أكفأ من غيرك في مهام معينة، أو لأنك مشهور بالكفاءة بشكل عام. ولكن دعوني أطرح التساؤل السابق بمعنى آخر وأقول: هل دائمًا يكون الناجحون أهلًا للقيادة؟ قصة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مع سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنهما، يمكن اعتبارها من أفضل النماذج على هذا الموضوع. فلقد بلغت شهرة خالد بن الوليد رضي الله عنه الآفاق وتحدث الجميع عن نجاحاته وانتصاراته أيام الفتوحات الإسلامية، وما كان جيش يقوده خالد إلا والنصر حليفه، أو هكذا صار الاعتقاد. بل هو ما كان فعلًا يحدث ولم يكن في الأمر مبالغة. المفاجأة التي لم يكن أي أحد حينها يتوقعها، أن يقوم أمير المؤمنين عمر بعزل هذا القائد الناجح الكفء عن قيادة الجيوش، في وقت كان المسلمون بحاجة إلى أمثال خالد. فجاء قرار العزل صادمًا للجميع، بل لم يكتف الفاروق بالعزل ولكن يتحول خالد إلى جندي من جنود الجيش الذي كان هو يقوده، وليستمر في العمل تحت إمرة القائد الجديد، أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه. الأمر ليس بالسهل على النفس البشرية في مثل هكذا مواقف، ولا أظن أحدًا في يومنا هذا يمكن أن يتقبل مثل هذا الأمر لو كان في موقع قيادي كما كان خالد، لأن المصلحة والسمعة الشخصية وغيرها من مفاهيم، ستغلب على تفكير المعزول، والذي لن ينظر غالبًا إلى المصلحة العامة وما شابه من معان.. والأمر يحتاج إلى نفوس عظيمة تربت على أخلاق الفرسان كما كان خالد، الذي وإن لم يتقبل القرار في البداية، إلا أنه فهم واستوعب عمق قرار الفاروق بعد سنوات مضت، وكان هو الحق المبين. قصة عمر مع خالد درس في الإدارة الحازمة الحاسمة، خلاصته أن العمل الجماعي هو الأساس لنجاح العمل من بعد التوكل على الله وطلب العون منه سبحانه، وبغير ذلك لا يمكن أن يتحقق النجاح، وإن تحقق فإنه قصير الأجل، ومن يعتقد أنه السبب الأوحد في نجاحات إدارته أو قسمه أو شركته، فليعلم بأن الأمر خلاف ما يعتقد، لأنه هو إنما ترس واحد ضمن مجموعة كبيرة من التروس، تتعاون معًا لتحرك الآلة الضخمة، المسمى بالوزارة أو الشركة أو المؤسسة، مهما كانت أهمية وحجم وموقع هذا الترس، إلا أنه لن يتحرك إن لم تتحرك بقية التروس وفق منظومة متناغمة للعمل. وذلكم لب الحديث.