13 نوفمبر 2025

تسجيل

لبيك يا حسين

30 مايو 2015

من غير الممكن إخفاء حقيقة أن الحرب في العراق تحولت إلى حرب دينية طائفية بالكامل، ولا يجدي إخفاء هذا الأمر بعد أن تحول إلى حالة دائمة نراها على الشاشات ونسمع شعاراتها وهتافاتها وأهازيجها.في العراق كما في سوريا واليمن، الحرب الآن دينية بامتياز، وهي تتغذى على الصراعات التاريخية والأيديولجية والعقائدية، ففي العراق هناك الحشد الشعبي الشيعي، وفي سوريا الدفاع الوطني العلوي، وفي لبنان حزب الله الشيعي، وفي اليمن جماعة أنصار الله الزيدية الشيعية، وهي جميعها تحولت إلى حلف عقائدي من أقليات تعادي الأكثرية المسلمة وتريد أن تسيطر عليها وأن تفرض عليها إرادتها، كما أنها تخوض حربا خاسرة بكل المقاييس.أخطر ما في هذه الظاهرة الشيعية هي أنها تحولت إلى "مليشيات عسكرية" مدججة بالسلاح وتحظى بالدعم المالي والسياسي والديني، ففي العراق ألزم المرجع الشيعي علي السيستاني، جميع السياسيين العراقيين بتقديم الدعم المادي والمعنوي لمليشيات "الحشد الشعبي"، وأصبح رجال الدين الشيعة في طليعة المشهد العسكري لمقاتلة "التكفيريين"، وهذا المصطلح يعني جميع المناوئين للفكرة الشيعية ومليشياتها وتوجهاتها العقائدية والسياسية، وهي لا تستثني أحدا من المسلمين "النواصب"، ومن هنا فليس غريبا أن يكون هتاف إطلاق قذائف المدفعية والهاون والصواريخ "يا علي" وأن يكون شعار الحملة على الأنبار والرمادي "لبيك يا حسين"، الأمر الذي يعكس "الحشوة العقائدية الأيديولجية" للحرب الدينية التي تريد تصفية الحسابات التاريخية والعودة إلى إكمال معركة "صفين" التي جرت قبل 1400 عام كما قال الأمين العام لحزب الله الشيعي اللبناني حسن نصر الله.المفارقة التاريخية الخطيرة هي أن هؤلاء الذين يرفعون شعار "لبيك يا حسين" تركوا الحسين بن علي وآله رضي الله عنهم جميعا في الميدان وحدهم وقالوا للحسين "اذهب أنت وربك فقاتلا" واشتركوا مع القتلة في قتلهم، ولذلك فهم لم ينصروا "الحسين" حيا، فكيف ينصرونه ميتا؟ ورغم ذلك يعتبر حسن نصر الله أن الحرب مع "التكفيريين" وجودية، لا مجال فيها للحلول الوسط، كما قال في خطابه الأخير، وهو في هذا الوصف يشمل كل الشعب السوري الثائر الذين لا بد من إلغائهم وجوديا.هذه الحرب الطائفية الدينية فرضت نفسها في الميدان والإعلام والسياسة الدولية، إلى درجة تدخلت معها الولايات المتحدة الأمريكية لرفض شعار "لبيك يا حسين" في الهجوم على الأنبار، بسبب حشوته الطائفية المذهبية الدينية المتفجرة، وأجبرت القيادات الشيعية العراقية على تغيير هذه التسمية، وهو تغيير لا يغير من الواقع شيئا، فالحشد الشيعي فكرة إيرانية وتنفيذ عراقي بغطاء ديني كامل من المرجع السيسي آية الله السيستاني ونوري المالكي والعبادي. إيران هي الأب الروحي والمالي والعسكري والتسليحي للحشد الشيعي، وهي التي تقدم "الحشوة الأيديولوجية" لهذا الحشد الشعي، وهي حشوة من الكراهية ظهرت على حقيقتها عندما استولت على مدينة تكريت فقامت باستباحتها ونهبها وسرقة منازلها وحرقها بعد ذلك، وارتكبوا فظائع يندى لها جبين الإنسانية، بدعم مباشر من أمريكا وحلفائها الذين قدموا الإسناد الجوي لهذه المليشيات في حربها ضد "الشعب العراقي التكفيري"، فقد كانت مليشيات الحشد الشيعي تقاتل على الأرض والمقاتلات الأمريكية والعربية المتحالفة معها تقصف "الشعب العراقي التكفيري" في تكريت والدور والبوعجيل والرمادي والأنبار، وغيرها من المناطق، في تحالف عملي "أمريكي – إيراني – شيعي عراقي" رغم المناكفات الإعلامية الكاذبة من بين الشيطانين الأصغر والأكبر وشعارات "الموت لأمريكا" التي تحولت إلى شعار " الموت للعرب" في العراق وسوريا واليمن. مما يعكس تحولات استراتيجية خطيرة لتحالف أمريكي إيراني شيعي ضد الأمة العربية المسلمة.للأسف الشديد فإن إيران وأمريكا وأداتهما المشتركة "الحشد الشيعي" تعبثان في المنطقة العربية بدون وجود أي مقابل عربي وإسلامي لهما، ولا يقف في وجههما إلا "تنظيم الدولة الإسلامية" الغامض الذي لا أثق بحركته ودوافعه، مما يجعل العراق وقودا لحرب تأكله من كل الأطراف، لتحقيق الأطماع التي تريد أن تجعل من بغداد عاصمة للامبراطورية الفارسية كما قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات.تحتاج الأمة العربية المسلمة إلى مشروع حقيقي قادر على التصدي للمشروع الامبراطوري الفارسي المعلن، وبدون وجود هذا المشروع فإن إيران ستقضم المزيد من القطع العربية بعد العراق وسوريا ولبنان واليمن.