08 نوفمبر 2025

تسجيل

حتى تبقى ليبيا التي عرفها الناس وعرفها التاريخ !!

30 مايو 2014

ابتداء نقول إن لقب ملك ملوك إفريقيا هو اللقب الذي أضفاه العقيد الطاؤوس على نفسه عندما جاء دوره في رئاسة منظومة الاتحاد الإفريقي. لقد كاد أن يصف نفسه بأنه الدولة، وأنه الملك الشمس، كما كان يحلو لإمبراطور فرنسا لويس الرابع عشر أن يقول: أنا الدولة وأنا الملك الشمس. ولكن الفرق كان كبيرا بين إرث الرجلين لشعبيهما، فالإمبراطور الفرنسي ورّث شعبه ثروة ثقافية وحضارية وعمرانية لا تقدر بثمن، وضعت بلاده في المكان الأعلى من بين أمم ذلك الزمن، مما ملأ صدره بالزهو والبطر والفخار، وجعله يصدق أنه الدولة وأنه الملك الشمس بالحق والصدق كله. بينما ورّث عقيدنا وملك ملوك إفريقيا شعبه الخبال والأحزان والخبال الممض، وبعض أعواد خيمة اعتاد أن يتجول بها في زياراته الخارجية القليلة، جالبا لنفسه ولشعبه وبلده السخرية والتبكيت والاستهجان المستحق. في هذه الأيام تتواتر من ليبيا الأخبار المحزنة التي تنبئ أن الربيع العربي غادرها مسرعا قبل الأوان بعد أن انفتح قمقم القبلية والجهوية والإسلاموية الجاهلة لتخرج من كل ذلك العفاريت المخيفة. حتى تساءل المشفقون: هل تبقى ليبيا أم يذهب ريحها؟ ويخرج اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ويعلن عزمه على رفع الحمل الثقيل الذي تكوم عبر عقود من التيه قاد فيها الطاؤوس المغرور شعبه في الدروب العدم وهو ينشب أظافره في رقابه، ويلغي شخصيته ودولته وينصّب نفسه فرعونا آخر لا يرى شعبه إلا ما يرى من سبيل الرشاد، ويسمي نفسه بغير أسمائه، فهو ملك ملوك إفريقيا، وهو القائد الأممي والمفكر صاحب الرسالة الثالثة. وحوّم (الملازم) الأمي بشعبه في وديان العدم، والبطر الكاذب، وطوّف به في الدياسبورا الدولية، وهو يرتكب باسمه أكبر الحماقات والجرائم، يضرب أكباد إبله باتجاه كل بيد جرداء يعوي فيها الريح الصرصر وينوح، فهو بطل العروبة حينا، وهو بطل الإفريقانية حينا آخر، ثم هو المصلح الأممي والمشرع الجلمود، الذي يبيح ويمارس القتل المجاني السفيه. كانت تلك نوائب ثقيلة ناء بحملها الشعب الليبي المكلوم، وها هي التركة الضيزى تتبدى جراحا جديدة تأبى أن تندمل. ولكن يبقى دائما الأمل الذي يعطي النفس متسعا للعيش والانتظار على قول الشاعر العربي القديم مؤيد الدين الطغرائي:أمني النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ليبيا الجديدة في حاجة إلى السلام الاجتماعي والسياسي وليست في حاجة للدخول في حروب جديدة، نعم لاستعادة الكرامة الليبية اليوم لا غدا، نعم لرفض الاستهانة بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الليبي من دماء أبنائه، وليحذر أشقاؤنا الليبيون من الوقوع في براثن خيبة جديدة، جلوس الفرقاء معا والحديث إلى بعضهم البعض بتجرد وإخلاص هو الضمانة الوحيدة لبقاء ليبيا التي عرفها الناس وعرفها التاريخ.