08 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في كل دول العالم، تشكل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية مناسبة هامة مفصلية، يحبس خلالها أبناء الوطن أنفاسهم، مترقبين خروج الدخان الأبيض، معلناً عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكن ذلك لم يكن حال اللبنانيين إزاء جلسة انتخاب الرئيس التي شهدها مجلس النواب قبل أيام. فالنتيجة التي أسفرت عنها كانت محسومة ومعروفة قبل ساعات من انعقاد الجلسة.حالة الاسترخاء واللامبالاة التي شعر بها اللبنانيون خلال جلسة الانتخاب، تعود لإدراكهم أن رئيس جمهوريتهم لا يتم اختياره داخل قاعة مجلس النواب، بل في أماكن أخرى، تبعد آلاف الكيلومترات عن العاصمة اللبنانية. وهم يدركون كذلك، أن طبخة اختيار الرئيس لم تنضج بعد، وربما مازالت تنقصها بعض المكونات الأساسية.هذا الحال ليس جديداً على لبنان ولا مفاجئاً للبنانيين، الذين استسلموا لواقع مرير هو أن جميع المفاصل الكبرى منذ إعلان استقلال لبنان عام 1946 حتى اليوم يتم إنجازها في الخارج. ويبقى على عاتق السياسيين في لبنان، إيجاد "التخريجة" الشكلية والدستورية للالتزام بالاتفاق أو التسوية التي تمّت. ومن الواضح أن هذه التسوية لم تتضح معالمها بعد. فبورصة الأسماء المتداولة لتبوّأ منصب الرئاسة لا تعطي أرجحية لاسم على حساب آخر. وهذا يعني أن جميع الخيارات مازالت متاحة. أحد هذه الخيارات وربما أكثرها سهولة، هو إبقاء كرسي الرئاسة فارغاً. سهولة هذه الخيار تعود إلى أنه لا يحتاج لإنجاز اتفاق أو تسوية، فهو مسار طبيعي يتحقق حكماً في حال الوصول إلى تاريخ 25 مايو المقبل دون نجاح مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد. وهذا سيرتب انتقال صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، حسب المادة 62 من الدستور اللبناني التي نصت على أنه "في حال خلو سدة الرئاسة، تناط السلطة الإجرائية وكالة بمجلس الوزراء".الفراغ في سدة الرئاسة في حال حصوله فإنه لن يكون سابقة في تاريخ لبنان. فقد سبق حصول ذلك ثلاث مرات. المرة الأولى كانت مع الرئيس بشارة الخوري عام 1952، عندما كلف قائد الجيش آنذاك اللواء فؤاد شهاب بترؤس حكومة انتقالية. المرة الثانية حصلت مع الرئيس أمين الجميل عام 1988 حين قام عشية انتهاء ولايته الرئاسية وبعد تعذر انتخاب رئيس جديد بتكليف قائد الجيش العماد ميشال عون بتشكيل حكومة عسكرية مؤقتة. أما المرة الثالثة، فكانت مع انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عام 2007، حيث آلت صلاحيات الرئيس إلى مجلس الوزراء برئاسة فؤاد السنيورة. الفراغ في سدة الرئاسة ليس بالضرورة أن يكون بسبب العجز عن الوصول إلى تسوية أو الخلاف حول اسم الرئيس. فربما يكون الفراغ هدفاً بحد ذاته، وخلاصة اتفاق أصحاب اليد الطولى في الاستحقاق الرئاسي. وربما يكون الهدف من اللجوء إلى الفراغ، هو تجميد الاستحقاق الرئاسي، بانتظار استكمال خلط الأوراق الجاري حالياً، وتشكّل صورة مختلفة في المنطقة، قائمة على تحالفات ومحاور جديدة، يصار بعدها إلى انتخاب رئيس للجمهورية يتناسب مع الوضع الجديد. هذا لا يعني أن الفراغ حتمي، وأن كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لن تجد من يجلس عليها صباح 26 مايو المقبل. فالتجارب التي مرت بلبنان، تشير إلى أن جميع الخيارات تبقى مفتوحة، حتى الساعات الأخيرة من ولاية الرئيس ميشال سليمان. أحد السيناريوهات المطروحة، هو اختيار قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي رئيساً للجمهورية. الحديث عن هذا السيناريو يصبح أكثر ترجيحاً في ظل تعذر الوصول إلى اتفاق، وتلبية لرغبة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومعه الفاتيكان، بعدم شغور المنصب المسيحي الماروني الأول في لبنان. فيكون اللجوء إلى مرشح توافقي، كما حصل عقب اتفاق الدوحة عام 2008، الذي جاء ثمرة جهود دولة قطر ورعاية من سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، منهياً بذلك ثمانية عشر شهراً من الأحداث الدامية كادت تعيد لبنان إلى زمن الحرب الأهلية. فتم اختيار قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. حظوظ قائد الجيش الحالي بتبوؤ سدة الرئاسة مرتبطة بالتحديات المطلوبة من الرئيس القادم. فإذا شكلت الهموم الأمنية والعسكرية عنوان المرحلة القادمة، يزداد منسوب التأييد الذي سيحظى به. ولعلّ البعض يشير إلى أن الخطة الأمنية التي يقودها الجيش اللبناني في مختلف المناطق المتوترة في لبنان، ربما تشكل دافعة للعماد جان قهوجي لتقديم اسمه عن غيره من الأسماء المتداولة. أما إذا كانت التحديات المطلوب من الرئيس المقبل مواجهتها ذات عناوين اقتصادية اجتماعية، فإن هذا يعني تعزيز حظوظ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للانتقال إلى قصر بعبدا. من الأسماء المطروحة كذلك، جان عبيد الذي سربت وسائل الإعلام أنه مرشح رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. ومن الأسماء أيضاً وزير الداخلية السابق زياد بارود القريب من البطريرك الماروني، والذي يحتفظ بعلاقة مستقرة مع جميع الأطراف المتنازعة. هذا بالطبع بالإضافة إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع الذي نال 48 صوتاً في جلسة الانتخاب قبل أيام.يبقى القول، إن كل ما سبق لا ينفي إمكانية أن تأتي التسوية الخارجية باسم جديد ليتبوّأ مقعد الرئاسة بعيداً عن جميع الأسماء المتداولة.