04 نوفمبر 2025
تسجيلللعام الثاني عشر على التوالي تعيش مخيمات الشمال السوري المحرر حالة من البؤس والمجهول، في ظل خيم متهالكة بائسة، وقطع للمساعدات من قبل برنامج الغذاء العالمي، مما ضاعف معاناة أكثر من مليوني مشرد في الشمال المحرر، وعاصمته إدلب، خصوصاً وأن موجة البرد والصقيع التي ضربت الشمال المحرر فرضت صعوبات على المشردين وخاصة الأطفال منهم، لاسيما مع نقص مواد التدفئة، والألبسة الشتوية، وقد أسفرت موجة العواصف المطرية الأخيرة بحسب الدفاع المدني عن تهالك وتمزق أكثر من 1700 خيمة. برنامج الغذاء العالمي الذي علّق دعمه الإغاثي بداية العام الماضي تسبب في حالة إحباط وفجوة كبيرة في الدعم الإغاثي، لاسيما وهو الذي كان يتكفل بدعم 1.3 مليون مشرد في الشمال المحرر، وبالتالي جميع هؤلاء اليوم غدوا بلا دعم إغاثي كانوا يتلقونه في العام الماضي، وهي مسؤولية كبيرة ستقع على كاهل المشردين وعلى كاهل سلطة حكومة الإنقاذ السورية للمنطقة. مشاهد غوص المراسلين والناشطين الإعلاميين في المخيمات كشفت الكثير من هذه المعاناة، خصوصاً وأن مقاطع الفيديو التي تم تداولها لأطفال باتوا يتمنون الموت على الحياة في ظل المعاناة شبه اليومية، إن كان بسبب الفقر والحاجة والفاقة، أو من حيث مرض الكبار من ذويهم دون أن يجدوا دواءً أو علاجاً، فضلاً عن حالة المجهول التي لا تزال تخيم على كل سكان الشمال السوري المحرر، وربما على كل من يعيش في سوريا بشكل عام، حيث لا أفق سياسيا لما يجري، في ظل اختلاف اللاعبين الكبار الدوليين والإقليميين إزاء ما يجري في سوريا، وعدم توصلهم لاتفاق فيما بينهم، مما يجعل كل فريق يحتفظ بكانتون خاص به عبر أدوات يدعمها في سوريا بشكل عام. الأخطر من هذا ما حذرت منه المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من انتشار أمراض معدية، وأمراض الكوليرا بسبب اختلاط المياه المطرية، ومياه السيول مع مياه الصرف الصحي وهو ما سينعكس خطورته على الأمراض التي ستتفشى في مخيمات الشتات، وسكانها. لكن الأسوأ من هذا كله ما تحذر منه المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية من أن عمر المخيمات الافتراضي قد انتهى، وبالتالي كل ما تم عمله، وسيتم عمله الآن داخل هذه المخيمات المنتهية صلاحياتها، والمنتهي عمرها الافتراضي هي حلول ترقيعية، غير عملية، وغير واقعية، ولن تكون لمدى طويل، وبالتالي لا بد من خطة واقعية وعملية تأخذ بالاعتبار كل ما تحدثنا عنه من أجل ضمان صمودها في وجه التهديدات المناخية والصحية التي تعرضت وتتعرض لها الآن وفي المستقبل. ووفقاً لفريق الاستجابة الطارئة فإن 4 من أصل 5 سوريين يعانون اليوم من انعدام الأمن الغذائي في الشمال السوري المحرر، وهو رقم مخيف سيكون له انعكاسات سلبية، ليست بسيطة على الداخل، وربما على دول الجوار، لاسيما في ظل تشجيع تركيا اللاجئين السوريين لديها على العودة إلى الشمال المحرر، حيث مثل هذه العملية التشجيعية بحاجة إلى بنى تحتية ودعم حقيقي للاجئين العائدين من أجل بدء حياتهم من جديد، بحيث لا يكونون عبئاً جديداً على الشمال المحرر وعلى سلطة الأمر الواقع فيه. تجتهد حكومة الإنقاذ في الشمال السوري المحرر مع منظمات إغاثية محلية ودولية على التخفيف عن المشردين، ولكن الحاجة أكبر من هذه الإمكانيات والقدرات الموجودة، لاسيما وأن الدعم قد تراجع بشكل كبير كما رأينا، بعد أن ذهبت الدول ودعمها والمنظمات الإنسانية وإغاثتها إلى مناطق أكثر سخونة، وربما تلك إشكاليات العمل الإغاثي والإنساني المعهودة والمعروفة، حيث يتوجه خلف الإعلام وخلف العمل الطارئ، بينما معاناة المغيب عنهم مثل هذه الأضواء تتواصل، بل وتشتد، ولكن يبقى دور الإعلاميين المحليين حيوياً ومهماً، في الكشف عن الاحتياجات عبر التغطية الإعلامية التي يقومون بها، إما من خلال وسائلهم الإعلامية التقليدية، أو عبر منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لينجحوا في إيصال صوت المشردين والخيام بشكل قوي للعالم، وتمكنوا من خلال ذلك من فرض أجندة إعلامية على بعض وسائل الإعلام في التعاطي مع الأزمة وخطورتها.