12 نوفمبر 2025
تسجيلالمعصية من أكثر الأمور التي تحدث خللاً في حياة الشخص والمجتمع ولاشك أننا هنا لسنا في محل الوعظ بقدر ما نحن نناقش ظواهر اجتماعية على طريق منهج الحياة الذي تصفه لنا قصة يوسف عليه السلام لكي نتعلم ونفهم أن كل ما يحدث في حياتنا هو سبب لما سيحدث مستقبلاً وأن الإنسان يستطيع أن يرسم منهج حياته بيده متى ما أدرك أنه هو الفاعل والمفعول به فالله يقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهذا منهج آخر يعلمنا فيه الله أننا نصنع خارطة حياتنا فالحياة في اعتقادي هي فعل وردة فعل متى ما فهمنا هذه المعادلة بعمق ومعرفة عرفنا ما نحن عليه وما سنكون عليه. ولعل سكرة المعصية قد تخرج الإنسان من إنسانيته وعالمه الجميل لتأخذه العزة بالإثم فيواصل في معصيته ويراها حقا يتبعه أو تأخذه عزة نفسه فلا يتوب ولا يتراجع ويمضي فيما هو فيه خوفاً من انكشاف أمره وانكساره وهذا بلا شك خطأ يقع فيه الكثير فالاعتراف بالخطأ والتحلل منه سواء في حق الله أو عبادة هو السبيل لتطهير النفس في الدنيا والآخرة.ولعل في قصة يوسف وما فعلوه إخوته وعظا وتنبيها وإظهارا لحكمة الله فكانت بداية المعصية مكيدة (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين) (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب) وفعلوا فعلتهم بحق يوسف وأبيهم وكادوا كيدهم ولكن الله لم يعاقبهم على الفور بل مكنهم من فعل المعصية وهذا استدراج من رب العالمين فعلينا ألا نفرح بالمعصية فإنها استدراج من رب العالمين ورسولنا محمد يقول (إذا رأيت الله يعطي العبد من النعم وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج) ولعل الله أوحى ليوسف وقال له (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) فعلينا ألا نخاف من المعصية التي في حق الله أو في حق العباد بل نخاف من تأثير هذه المعصية في حياتنا ومهما فعل من فعل فعليه أن يعرف أنه في الأخير سوف يذوق أثر فعلته عاجلاً أم آجلاً ولن يكون في مأمن من ردة الفعل الإلهية وهو في غفلة من أمره فيجد الرد قاسياً في الوقت الذي يشعر به بأنه قد نسي ما فعل واستأنس بحياته.المهم اليوم أن نعلم أن أفعالنا لنا منها نصيب وعلينا أن نحرص على ألا نكون سبب تعاستنا فكل واحد منا لابد أن يراجع نفسه جيداً ويعود لتاريخه ليجد أن الجزاء من جنس العمل وألا نكابر فسيأتي يوم نندم فيه وأن الأيام دول لا تدوم لأحد فلا تفرح بذنب أو ظلم مهما كسبت منه.