14 نوفمبر 2025
تسجيلعندما نقول إن ماهية الدبلوماسية العلم والفن معاً، أي علم يجب تعلمه وتعلم قواعده، وفن يتطلب من الدبلوماسي والسياسي ورجال الدولة والحكومة الوقوف على خفاياه واسراره، ويجب أن يعلم لمن هذا مجاله ان دخل فيها ويتعمق في بحورها وأسرارها وماهيتها ان يكون ذا المام وحنكه بكافة المسائل التي تتصل بوصفها. إذا كنت ترغب في ممارسة الدبلوماسية أو شغلها أو الانخراط فيها يجب ان تعرف الأصول السليمة لممارسة الدبلوماسية، ويجب أن تعرف الصفات التي يجب ان تتوفر في الدبلوماسي المثالي الناجح، وأيضاً قواعد السلوك التي يجب أن يراعيها الدبلوماسي في قيامه بمهمته الدبلوماسية أو شغلها لكي يحقق الغرض على اكمل وجه بصفته دبلوماسي. إن رجال المهنة الدبلوماسية المحنكين ممن صقلتهم الدبلوماسية السنين الطوال وكرسوا لها كل وقتهم وحياتهم وجهدهم، فتغلغلوا في أعماقها وعرفوا كل ظروفها وملابساتها واسرارها وخفاياها، ندعو من يرغب بالإلمام بأصول الدبلوماسية وتقاليدها وقواعدها أن يرجع إلى ما كتبه هولاء الاساتذه الفقهاء العلماء الثقاة من اصحاب الرموز والاسماء المعروفة في دهاليز السياسة والدبلوماسية بالفن والحنكة والكياسة والفطنة والسمعة الطيبة الحسنة، فهم بلا شك الأجدر والأقدر والأفضل على ارشادك لهذا الطريق الوعرة. - نستطيع أن نصف أن للدبلوماسية نفسين: نفس تاريخي، ونفس تنظيمي، ولابد لكل مشتغل بالشأن الدبلوماسي ان يتنفس كلا الشقين، وان يكون ملما إلماماً كاملاً بمضمون الطريقتين، بالإضافة إلى إلمامه بالقواعد القانونية الدولية بشكل عام ولأحكام المعاهدات المنظمة للعلاقات بين مختلف الدول، ويجب على المشتغل بالدبلوماسية الالمام بالجغرافية السياسية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم التاريخية، والشئون الدولية، والاقتصادية، والعسكرية، هذه هي دروب الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ومراحل حياتها المختلفة التي مرت بها وسوف تمر بها، وهذه هي المراحل التي خاضتها في مجال العلاقات البشرية ومصائر الأمم والشعوب، فعن طريق ما ذكرناه يمكنك معرفة مجريات السياسة الدولية في الماضي والحاضر واتجهاتها المستقبلية. ثم إنني أدعو اخواني الدبلوماسيين والسياسيين ممن اتقن مجريات السياسة الدولية والمشتغلين بالدبلوماسية أن ينصروا الدين ويعلوا كلمته، وتعاليمه ونظمه الخاصة به، والمسلمون سواء كانوا دبلوماسيين أو مهندسين أو أطباء أوعلماء أو غير ذلك هم أصحاب حصافة في الرأي وبلاغة في القول ورجاحة في العقل وسرعة البديهة واحتيال الحيل وتقليب الأمور مما يؤهلهم أن يكونوا أهل السياسة وأهل البلاغة وأهل المفاوضات إن هي احسنت حكوماتهم سياستها، وأحسنت حكوماتهم تغليب سيادتها، وأحسنت حكوماتهم حسن الظن بقدراتهم وامكانياتهم ورجاحتهم والأخذ برأيهم، خاصة بعد ان كانت الدبلوماسية تتصف بالسرية وما برحت ان انتقلت الى فكرة المصالح المشتركة بين الدول عندما برزت دبلوماسية المؤتمرات والمنظمات الدولية الى ان تشعب العمل الدبلوماسي وظهرت فصيلة الدبلوماسيين الجدد المتخصصين في المجال الدولي وبظهورهم تنوعت اهداف الدبلوماسية لتشمل كافة القضايا الاقتصادية والثقافية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية إلى أن امتد للتنظيم الدولي الاقليمي، فلم تعد العلاقات الدبلوماسية علاقات عرفية كما كانت في الدبلوماسية التقليدية، مناخ التوازن الدولي في تغيّر مستمر، والمساهمون في التناقس الدولي هم من فرض السيطرة والنفوذ، فلم تُعد مهمة الممثل الدبلوماسي قاصرة على إعلان وجهة نظر بلاده، او اقناع الغير ببعض وجهات النظر، والاهتمام بالمراسم واجراءات الضيافة وحسن الاستقبال، أو البحث عن فتات من المصالح، هناك عهد جديد من تاريخ تطور الحضارة الانسانية، وهناك تحولات فكرية واقتصادية وسياسية وعسكرية، يجب أن نتقن آلياتها وطريقة الحوار والتعامل والتعايش معها، لابد من وضع افكار ونقاط واولويات ومراحل ومجالات واهداف وخطط وحماية وأساليب وفنون ثم نعززها بالعلاقات والتنوع والمصالح وبناء القواعد وتوسيع الدبلوماسية ومنها قوى التحالف والتنافس بين الشرق والغرب، لكي ننهي كل مرحلة من عملنا الدبلوماسي بالأهداف التي بنيناها من أجله، ثم نكون لاعبا أساسيا مع الكبار في المنظومة الدولية وليس احتياطياً أو متفرجاً فنكون شركاء في تحديد وتحقيق النتائج بما يناسب مصالحنا وأهدافنا الاستراتيجية والبعيدة المدى. خبير ومستشار قانوني [email protected]