15 نوفمبر 2025
تسجيللمن يتدبر الآيات القرآنية ويتأمل، سيجد الكثير من الإشارات التي تحض وتدعو إلى أهمية اتباع الحق وليس الناس -على صورهم وأشكالهم المختلفة- قادة كانوا أم ساسة وزعماء، أو من على شاكلتهم كثير. والقرآن يدعوك بكل وضوح وصراحة ويفيدك بشكل لا لبس فيه أو أدنى غموض، بأن اتباعك للحق والحق فقط، هو الذي سينجيك وإن قل عدد تابعيه، فيما الباطل سيخذلك دون شك وإن كثر عدد تابعيه ومؤيديه. اختر ما شئت، فلا يزال القرار بيدك، وهذا القرار مآله معروف، إما إلى جنة يقودك أو إلى نار، أعاذك وإيانا منها، ولك أن تقرأ قول الله تعالى: وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنْ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَاد. حوار جهنمي، فيه الكثير من الحسرة والندامة بين فريقين من أهل النار، فريق دعاة الكفر والشرك والضلال، وفريق الأتباع، الذين اتبعوا زعماءهم وسلاطينهم دونما تفكير في حق وباطل، فكانت النتيجة أن اجتمع الفريقان في النار وبدأ كل فريق يلوم الآخر، ولكن بعد فوات الأوان. فريق الزعامات دعا في الدنيا إلى مبادئ وأفكار ومعتقدات، وفريق الأتباع مشى خلف الأول حينًا، وهرول حينًا آخر، وتسارع في اعتناق مبادئ وأفكار ومعتقدات الأول دونما كثير تمحيص، لأنه إنما فعل ذلك رغبة أو رهبة.. رغبة في الحصول على بعض ما عند الأول من نعيم مادي لا يدوم، أو رهبة مما قد ينتج عن الزعماء من تهور في السلوك على شكل تعذيب نفسي أو جسماني متنوع أو خسائر مادية أخرى لا يرغب الأتباع رؤيتها واقعًا متجسدًا أمامهم، فلم يكن من بد إذن، سوى اتباع القيادة حتى النهاية! لكن النهاية بؤس وعذاب خالد لا ينتهي لفريقين خاسرين. فهكذا النتيجة النهائية الطبيعية لمثل هذه العلاقات وهكذا حال من يعطل حواسه وعقله ويتبع أهواء غيره، ويغتر بالكثرة وبالمال والقوة المادية عند البعض، فيقرر السير خلفهم دون قليل تأمل وتدبر ما في الأمر من خطورة، وهو ما يشجع ويعزز الفريق الأول في الاستمرار على نهجه، منطلقًا من وهم وزعم السيطرة وهو يرى عدد متابعيه يزداد، فيتجبر ويتكبر ويزداد غيًا، حتى تكون نهايته أليمة هو أيضًا، حيث الحسرة والندامة.. وبئست النهاية تلك.