10 نوفمبر 2025

تسجيل

أدعياء التديّن

29 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قد يكون أكثر ما يضر الإسلام ويسيء إليه، فئة من أدعيائه والمنتسبين إليه، تلك التي لا تستطيع أن تدرك مراميه، وتعجز عن فهم حقائقه ودقائقه، وتتمسّك بظواهره وقشوره، بقدر كبير من الجهل المصحوب بوهم التدين وسوء الفهم، فتجد أحياناً بعض المتدينين الذي يحرصون على أداء الصلوات، وفي الوقت نفسه يتساهلون في الكذب، أو حلف الأيمان الكاذبة، أو لا يتورعون عن إلحاق الأذى بالجيران، ولا يصدقون الوعد، ولا يفون بالعهد، ويتمتعون بقدر كبير من الأنانية المفرطة.أولى خطوات التديّن امتلاك الفهم، ومن امتلك الفهم أحسن التصرّف ، وأدرك الحقائق، وأجاد فن التعامل مع النفس ومع الآخر ومع بقية موجودات الكون، بأيسر الطرق وأسهلها وأكثرها سلامة وأقربها إلى الصحة، وهذه تمثل الخطوة الأولى نحو البناء الحضاري.الدين يأمر بالجد والاجتهاد، ومغادرة الكسل والعجز والقعود عن طلب المعالي، ويحارب التواكل المفضي إلى البحث عن الرضا النفسي عن الفشل والتخاذل من خلال التعلق السطحي بمظاهر الدين الزائفة، لأن الدين يدعو إلى حسن التخطيط، وضرورة الأخذ بأسباب القوة من خلال إعمال الذهن وبذل الجهد في البحث والنظر من أجل اكتشاف مجاهيل الكون وإدراك أسرار القوة الكامنة في نواميسه وتكوينه، وفي أعماق جزيئاته.إن الذين ينتظرون المعجزات، وتنزل الكرامات، وهم يمارسون البلادة الذهنية، ويتفننون في تضييع الوقت، ويقعون فريسة للكسل والعجز فهؤلاء لا يدركون معنى الدين ولا جوهر الإسلام، وهم يسيئون إلى دينهم وأنفسهم وأمتهم ولا يحسنون، وإن الذين لا يحسنون التخطيط، ولا يمتلكون القدرة على التفكير العلمي المنهجي الصحيح، ويعجزون عن إدراك أسرار الكون، ولم يكلفوا أنفسهم عناء طلب العلم والبحث العميق الدائم، فهؤلاء ليسوا متحضرين، ولن يستطيعوا بناء حضارة ولا نصف حضارة، حتى لو قالوا عن أنفسهم ملمين ومتدينين.الإسلام يدل على الطريق، ويهدي إلى الصراط المستقيم، ولكن في الوقت نفسه لا تتم الهداية إلا بالمجاهدة، فقد قال تعالى في سورة( العنكبوت :الاية 69 ): "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "، فلا يمكن أن تتحقق الهداية وامتلاك القدرة على سلوك طريق الحق، إلا بالمجاهدة، التي تعني كثرة الجهاد واستمراره ودوامه، وأعلى درجات الجهاد مجاهدة النفس حتى تستكمل درجات الرقي والصعود في معارج الكمال البشري، الذي يتم تتويجه بحسن الخلق وإتقان العمل.من أشد المصائب التي تصيب الأمة، أن يتصدى لحمل الدين الجهلاءُ، وأن يبشر به العاجزون عن إدراك معاني التحضر فيه، وأن يتحدث باسمه من كان سبباً في تخلف الأمة والعودة بها إلى الخلف، فهؤلاء ليسوا أمناء على الدين، وليسوا أمناء على الأمة ولا على الوطن ولا على المستقبل.الإسلام يدل على عوامل النهوض ويدلّ على مقومات النصر ،ولكن الله لا يقاتل نيابة عن القاعدين، ولا ينزل النصر على المتخاذلين، كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام :"فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون "، والإسلام ليس أداة للوصول إلى السلطة، وليس سلّما للصعود إلى موقع إدارة الدولة، إنما الإسلام روح تسري في الأمة فتعلمها كيف تصنع النهوض وكيف تنشىء الحضارة، وكيف نختار من الرجال من يحسن السلطة ويحسن إدارة الدولة، ويحسن البناء ويحسن تجميع الطاقات واستثمارها، ويحسن استغلال الوقت ويحسن التخطيط ويحسن التنفيذ ويحسن المتابعة، ويحسن امتلاك أسباب القوة وأدوات التحضر...يتبع..