18 نوفمبر 2025

تسجيل

مصفوفة تاريخية لإنقاذ العراق

28 نوفمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يطفو على السطح هذه الأيام مصطلح جديد تتداوله غالبية ألسنة السياسيين العراقيين، وتزامن هذا المصطلح الذي يعرف بـ ( وثيقة التسوية السياسية ) مع ذروة عمليات تحرير المناطق السنية التي كانت مغتصبة من قبل تنظيم داعش بموجب الاتفاقية المبرمة مع بعض أصحاب النفوذ السياسي في العراق بعد أن فشلت جميع المحاولات والمبادرات السابقة التي تتحدث عن مشاريع المصالحة الوطنية المغيبة منذ عام 2003 . وتأتي هذه التسوية في ظل تصاعد الدعوات لإجراء مصالحة وطنية حقيقية تمنع توفير البيئة المناسبة لتكرار بروز ظاهرة التنظيم في البلاد مرة أخرى، من خلال إلغاء المحاصصة الطائفية والعرقية، وإنهاء احتكار السلطة من قبل طرف على حساب الطرف الآخر الذي نتج عنه التدهور الشامل الذي آلت إليه أوضاع البلاد على مختلف المستويات اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأمنياً.وبهدف التخفيف من هذه المخاوف، جاءت فكرة طرح مشروع «وثيقة التسوية» التي وصفوها بــ«التاريخية» وذات الأهمية البالغة في تحقيق السلم الأهلي، خصوصا بعد معارك الأنبار ، فيما يرى بعضهم أنها محاولة لترسيخ هيمنة ما يعرف بالأغلبية السياسية، وهذا لن يغير من المعادلة السياسية القائمة على أساس خاطئء فرضه المحتل وأعوانه من أجل ترسيخ ظاهرة عدم التعايش السلمي في العراق .من لا يريد أن يؤسس بنيانه على شفا جرف هارٍ، عليه أن يجعل من معركة تحرير الموصل فرصة تاريخية لوأد الماضي ويغلب منطق العقل على الثأر، ويخرج من قوقعته المغلفة بالتزييف ويشرع ببناء قاعدة أو مصفوفة لا رابح فيها ولا مغلوب وأن يكون الجميع على مسافة واحدة من الحقوق والواجبات، وأن لاتقتصر هذه التسوية على الشخصيات المنخرطة في العملية السياسية وتهمل القوى الوطنية التي أجبرتها الظروف وسياسة الترهيب والإقصاء أن تترك البلاد وتجعل أرض الشتات ملاذا يحمهيم من جبروت الظلم وقانون الغاب ليساهموا في بناء هيكل الدولة من جديد وفق معايير الكفاءة والمهنية وإلا فستزداد أعداد الناقمين على الطبقة السياسية برمتها، جراء سوء استخدام السلطة وإدارة الحكم في البلاد في ظل هيمنة الأحزاب المتنافرة .ومن يطلع على بعض ما سرب عن وثيقة التسوية سيجد أن موضوع التسوية هو تقاسم السلطة وليس حل مشاكل المواطنين، وأن الزعماء أنفسهم الذين فشلوا سابقا، سيفشلون مجدداً لأنهم ببساطة جزء من المشكلة واستمرار وجودهم ومنهجهم يعني أن الأزمة مستمرة؛ بدليل أن هناك من يريد إفشالها بحجة المتعاونين مع الإرهاب ولا نعلم عن أي إرهاب يتحدث اؤلئك الذين تسببوا بالتعاون مع الإرهابيين وتناسوا أنهم كانوا وراء أكبر كارثة حلت بالعراق عندما سمحوا لتنظيم داعش باحتلال ثلثي مساحة العراق وأراقوا دماء العراقيين على محراب الطائفية التي أعلنوها جهارا نهارا دون خجل أو وجل؛ إرضاء لأسيادهم الذين كانوا يدعمون عودتهم إلى سدة الحكم مرة أخرى، ولهذا نحتاج إلى مرجعية مجتمعية جديدة تقود هذه التسوية التاريخية .إن التسوية الحقيقية ليست في رفع سقف الشعارات الرنانة وإنما العمل وفق مبدأ التسامح والتآخي والعفو عند المقدرة باستثناء دماء الأبرياء، وإذا كانت الإرادة صادقة في تطبيقها دون استثناء على أساس التعايش السلمي بعيدا عن أي نفس طائفي أو اشتراطات أو إملاءات خارجية ، فإن الله والخيرين سيكونون أول المرحبين بها، أما إذا كانت وسيلة لملء الفراغ أو لغايات انتخابية لعودة الوجوه السابقة التي أوصلت البلاد إلى طريق اللاعودة، فإن الله وعباده أبرياء مما تخططون.