07 نوفمبر 2025
تسجيلكان الجيران يجفّفون الأمل مونةً للشتاء، عجائز وأطفال يقلّبون القطع النديّة في منتهى الجـِدّ ، على البساط الكبير، وأنا جوعان؛ فمددت يدي إلى العجوز، فصدّتني وقالت اذهب إلى أمّك، الأمل لايُعار و لا يُتسوَّل. كنّا أكلنا ما قطفناه أوّلاً بأوّل، الكبار ظنّوا أنهم يموتون في الشتاء، كما في القصّة الروسيّة، ونحن كنا نبعثره بعد أن نشبع، بعد كلّ وجبة. والآن؛ ولا قطعة أمل، من أجل إفطار متقشف مع كأس شاي، ولا حتّى فتات .. ونحن الذين توجسّنا غيابه، بدأنا نكتب قصائد رثاء، عن شتاء قادم وطويل، كمطربي غجر يطوفون الأعراس. ** السوريّون يتبادلون نقاط الجغرافيا، ونشرات الأخبار، ولا قيمة لمن حقّق نصراً على الأرض، ولكن اسمه جاء خبراً متأخراً. كان السوريون الخبر الأوّل قبل أن يتبادل قابيل وهابيل الفأس والساطور واللعنات. اليوم؛ ثمة دم وبترول وكهنة ونخّاسون أدانوا قابيل، ثم قتلوا هابيل مرةً ثانية، اليوم ثمّة راعٍ ومزارع، نفشت دماؤهما في حديقة العالم، ثمّة زوجتان تتكومان على طفلين سيرثان نصيبهما بعد قليل من البقر والماعز وأكياس القمح والدم واللعنات، وصفحات الجرائد المؤرشفة للدم الأول. اليوم؛ ثمة قابيليون يدفنون موتاهم في الليل، وهابيليون يحرثون حقول اللعنات، ثمة آدم النادب على وجه الأرض المغبرّ القبيح، باحثاً عن الأبالسة الماكثين في حقول النظريات الباردة، ثمة حواء في مخيم بائس، تحتضن (دزينة) أحفاد، سيلعبون في المساء كرة القدم، قبل أن تعود الأمهات ويسقينهم حليب الكراهية. اليوم؛ ستصرخ بجنون؛ هذا رأس وليس كرة، وهذه يد وليست نكّاشة أسنان، هذه عاصفة رملية هربت من مدارات مجنونة، هذا اللحن نشاز في أذني، سأبكي على القتيل وألعن القاتل. ** لو كان البكاء رجلاً، لاستدنت منه مصروف حزن كامل. ** أنا ملكٌ وطائفتي انتظاري. وحاشيتي حروفٌ سابحاتٌ في مداري. وجندي صاولوا جيش المعاني، واستعادوا قلعةً محتلّة منذ احتضاري. أنا الملِكُ المعلّبُ في السكينةِ / أمتطي عوداً وأركضُ في دروبِ الحيِّ / تلحقُني الكلابُ/ ويحتفي بي صبيةُ الحيّ / فنركضُ في الدروبِ ونسأل الفتياتِ عن صبحٍ جديرٍ بالحليبِ / وعن شمسٍ / ينازعها سرير الغيمِ أسئلةَ النهارِ. ولي مرثيّتي/ إن فاض هذا الليل بالغُيّابِ/ لي شتاءٌ ملء عينيها هناكَ/ ولي قميصٌ/ رثّثته الريح والأنثى/ ضلّ صندوقَ البريدِ/ إلى شيخٍ يدبّ على عصاهُ/ و يسكب حزنه ملء الجِرارِ.