10 نوفمبر 2025

تسجيل

حوار أديان أم دعوات تبشيرية

28 أكتوبر 2011

انعقد في الدوحة مؤتمر "حوار الأديان" في دورته السنوية التاسعة على التوالي. الجديد في هذه الدورة أن منظمي المؤتمر استوحوا موضوع جدول أعماله استجابة لتطورات الأحداث التي حدثت في الوطن العربي (الربيع العربي) والتي أسقطت أعتى الأنظمة العربية دكتاتورية وفسادا واستبدادا، وكذلك الأحداث التي حدثت في أكثر من ألف مدينة عبر العالم، أي في أكثر من ثمانين دولة تنادي باحتلال مراكز المال العالمية التي في رأي هؤلاء أن هذه المؤسسات هي السبب في شقاء الإنسانية. إن تلك الأحداث كانت " وسائل الاتصال " بين دعاة تنظيم تلك المسيرات وجماهيرها وتمت عبر " وسائل الاتصال الاجتماعي " والتي تعني التواصل الجماهيري على الهواتف المحمولة وغيرها من وسائل الاتصال على الشبكة العنكبوتية، لقد أراد منظمو المؤتمر بطريقة أو أخرى من تحديد هذا الموضوع أن يتعرف العامة والخاصة على إمكانية الاستفادة من هذه الوسائل الإعلامية في إثراء حوار الأديان على امتداد العالم والحق أنهم نجحوا إلى درجة لا بأس بها. (2) أريد التنبيه بأن رجال الدين في كل الأديان السماوية وغير ذلك من الفلاسفة من خارج هذه الأديان بلغوا سن متقدمة وليس في استطاعتهم التعامل مع مؤسسات " وسائل الاتصال الاجتماعي " في صفحة الفيس بوك، والتوتر، وغير ذلك، لأنها تحتاج إلى وقت طويل ومتابعة مستمرة والرجل المتخصص في أمور الدين كغيره من العلوم الأخرى يحتاج إلى مراجعة والاطلاع على أمهات الكتب لا إلى "الثقافة السريعة " عبر هذه الوسائل. في تقدير الكاتب فإن الحوار في الأديان عبر هذه الوسائل سيكون بين أفراد الجيل المعاصر وهؤلاء ليس لديهم ثقافة دينية بمدلولها العلمي الأمر الذي قد يحدث تشويشا عند البعض الأمر الذي يؤدي إلى إخلال بالعقيدة الدينية عند أتباع هذه الديانات والفلسفة الأخرى مثل البوذية، والهندوسية، والزرادشتية وغير ذلك، وعلى هذا فاني أتهيب من الدعوة إلى أعمال هذه الوسائل في الشأن الديني أو التاريخ. (3) ما زلت عند رأيي بأن الحوار بين الأديان في القرن الحادي والعشرين لم يعد مجديا فالأديان السماوية الرئيسة الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) لن يتزحزح أتباعها عن ما يؤمنون به، فالموحدون لا يستطيعون إقناع أتباع التثليث بقبول عقيدتهم، ولا أتباع اليهودية بقادرين على إلغاء ما جاء بعدهم من أديان، ناهيك عن أن في كل دين من هذه الأديان تشعبات وتناقضات وخلافا ت عميقة، وليس هنا مجال الحديث في كل تلك التناقضات. ما يجري حقيقة في هذه المؤتمرات هو حوارات سياسية بعمة دينية وعلى ذلك رأينا الحديث في هذه المؤتمرات على " الإسلام فوبيا " والذي يمثل عند أصحاب هذا المصطلح أن الإسلام هو الخطر وأن القضاء عليه هو الضمانة التي ستحفظ للعالم أمنه واستقراره مستخدمين في ذلك خطابا محرضا على الكراهية متجاوزا في حق المقدسات والرموز الإسلامية كافة. مؤتمرات " حوار الأديان " عقدت في أكثر من عاصمة عربية وأجنبية بتمويل عربي وكل تلك المؤتمرات تدعونا إلى التحاور مع الآخر، ومعرفة الآخر، وعدم كراهية الآخر، وعدم المس بمكانة الرموز الدينية التاريخية وكلها استجبنا لها نحن العرب، لكن في المقابل لم نجد من يحترم ثقافتنا وعقيدتنا ورموز ديننا فهل من سبيل إلى إقناع الآخرين بحقوقنا واحترام عقيدتنا وعدم المساس بها في وسائل إعلامهم ومؤسساتهم الدينية والاجتماعية؟ (4) أثار انتباهي أحد الأساقفة المتحدثين في الجلسة العامة يوم الثلاثاء 25 / 10 عندما تناول في ورقته " حالة " حدثت في الكويت عام 2007 ومؤداها أن شركة كويتية عجزت عن دفع مرتبات مئات من العمال البنغاليين الذين يعملون في الكويت لحساب تلك الشركة، وأن هؤلاء العمال كانوا يعيشون في حالة مزرية الأمر الذي قد يدفعهم لارتكاب جرائم من أجل إطعام أنفسهم، علما بأنهم جميعا من المسلمين البنغال. هذه الحالة دفعت بهم إلى اللجوء إلى الكنيسة لطلب المساعدة، ولما كانت الكنيسة في الكويت لا تملك المال الكافي للاستجابة لهؤلاء العمال المسلمين الجياع، لجأت الكنيسة إلى المجتمع الكويتي طالبة منهم إنقاذ هؤلاء المسلمين الجياع الذين يعيشون في الكويت ـــ بموجب عقود عمل ـــ هذه " الاستغاثة، الرجاء " الصادرة عن الكنيسة في الكويت لإنقاذ جياع مسلمين هناك ظهرت في الصفحة الأولى في صحيفة " العرب تايمز " الصادرة باللغة الإنجليزية في الكويت. كانت " استغاثة الكنيسة " كما قال القس بسيطة في لغتها ومضمونها " أدعوكم للانضمام لجهود الكنيسة في إغاثة هؤلاء العمال المسلمين المخذولين أي المتخلى عنهم من قبل كفيلهم المسلم، إنهم بلا نقود ولا يستطيعون الحصول على الغذاء، ندعوكم للتبرع لهم بوجبة أكل في اليوم. لقد أثار القس تساؤلا مهما هو " ألا يثير غضبكم أو ازدراءكم تلك المعاملة؟! " قال القس كلاما كثيرا ومكتوبا في هذه المسألة، البعض اعتبر تلك الإشارة أنها دعوة تبشيرية في وسط مجتمع إسلامي بدرجة 99% بمعنى أن المسلمين البنغال لجأوا إلى الكنيسة لتنقذهم بدلا من المسجد أو وزارة العمل الكويتية، أو الجمعيات الخيرية المنتشرة في الكويت. إن قول القس ليس بريئا إنه قول يحض على إعادة النظر في دور الكنيسة في الدول الخليجية وفي ممارسة القساوسة العاملين في الكنائس المحلية. إن الدول الغربية كلها والأمريكية تمارس على الأماكن الدينية الإسلامية والمراكز الثقافية والجمعيات الخيرية في أوطانها وحتى على الأفراد والجاليات الإسلامية الرقابة الأمنية والفكرية المشددة. تعالوا نعاملهم بمثل ما يعاملوننا به. آخر الدعاء: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.