14 نوفمبر 2025
تسجيلملايين باتت موجوعة، محزونة لنتائج الانتخابات غير المتوقعة في السباق الرئاسي بمصر، ملايين وقفت مذهولة أمام الأرقام، والمفاجآت التي ما كانت لتخطر على بال بعد أن ظنت الثورة أنها اقتلعت شروش الاستبداد وكل حقبة ضياع مصر! الناس تخبط كفاً بكف، إذ كيف يعود النظام بهيئة أخرى، واسم آخر، وشعارات أخرى لتضرب ثورة الشباب في قلبها بعد أن قدمت أغلى ما لديها من رجال؟ أستطيع أن أستشعر مرارة الثوار الحقيقيين وهم يرون ثمار ثورتهم وقد دنت من أيدي من لم يتصوروا أن يكونوا قاطفيها، أستطيع أن أتصور حجم ألم وعذاب واكتواء أهالي الشهداء الذين مازالت جروحهم خضراء وهم يرون ما لم يتخيلوه ليقبضوا على الهواء بدل الأماني لمصر الحرة العزيزة! وأتصور أن مبارك لم ينم منذ أكثر من عام هادئاً وهانئاً كما نام قبل يومين وهو يتابع من محبسه المرفه ويرى (أحمد شفيق) وهو في الطريق إلى الكرسي الذي عشقه، ورفعه، ثم دمره، أتصور أن أحلام اليقظة زارته وقد تخيل رفيقه العسكري يخفف القيود، وينفي التهم، ويدفع تجاه قانون يحمي زبانية العسكر وراء القضبان، بل يحمي السابقين وأيضا اللاحقين لتتحول الثورة النبيلة إلى (طلق فشنك) صوت بلا أثر، يصرخ كثيرون في ذهول كيف يصعد لرئاسة مصر الضالع في موقعة الجمل؟ وكيف سيكون رئيساً ديمقراطياً عادلاً يحمي الحرية بكل طبقاتها، وصورها، وناسها، وقد وافق على فصل سيدة في سلك الطيران الذي كان على قمته لأنها تمسكت بارتداء الحجاب؟ وكيف سيكون مرشداً للمال العام والأخبار تتوالى عن إهداره للمال العام إبان ترؤسه لقطاع الطيران؟ وكيف بمن رفضه الشعب وأقيل بإرادة شعبية أن يعود رئيساً لجمهورية مصر العربية؟ وبتجرد وبعيداً عن زمالة السيد شفيق للمخلوع ماذا ننتظر من رجل قال إن مبارك (مثله الأعلى)؟ وماذا يمكن أن يفعل بمصر رجل مثله الأعلى (مبارك) على كل الأصعدة؟ يمكننا أن نلمح شكل المستقبل الذي كنا نظنه واعداً بعد حجم التضحيات والدموع، يمكننا أن نرى ما ظننا أنه رحل، وماذا لو انتقم الرجل الذي سقط بمليونية وبإرادة شعبية وهو رئيس للوزراء وقد رفضته الأمة؟ قبل إجابة هذا السؤال يتعملق سؤال آخر يقول: كيف نجح شفيق وحاز كل هذه الأصوات؟ سرعان ما جاءتنا إجابات يقول أصحابها إنها موثقة بأن التجاوزات والتحضير، والترتيب وفلول النظام كانوا وراء حصد كل هذه الأصوات، ثم التزوير الفاضح فقد عاد المتوفون إلى الحياة بقدرة قادر ليذهبوا بلحمهم وشحمهم إلى مقار الانتخابات لينتخبوا أحمد شفيق، ثم تقول الأخبار إن المجندين الذين لا حق لهم في التصويت صوتوا لشفيق، والبركة في الأمن المركزي، أما عن التمويل البازخ للكولونيل، فقد قامت بالواجب كما تقول الأخبار زوجة أحمد عز (وكفت ووفت) أما المستور الذي أوصل (شفيق) لرئاسة مصر إن قدرت له فخلفه تخطيط قد يكتشف لاحقاً من العيون الراصدة، المهم لم ينجح الذي أملت أن يكون رئيساً لمصر، لم ينجح الذي مس أوجاع المصري المطحون، وقد طغى اللعب من تحت الطاولة وفوقها، كثيرون يطالبوننا بابتلاع المرارة، وتجاوز الصدمة، والتعاون من أجل مصر، ورغم أن ذلك فادح الوجع ليس لنا إلا أن نضمد جرح مصر النازف، ويقول المتفائلون قد تحدث مفاجأة بتقدم (صباحي) الحصان الأسود لتتغير كل المعادلة فلم ينته الأمر بعد، ونقول اللهم قدر لمصر من يصونها ويحفظ لشعبها أمنه، وكرامته، أما إذا دخلت مصر في امتحان صعب بتولي من ترفضه الأمة فلن يهتز المصريون لأن شعباً عرف كيف يكون مصيره بيده صعب تدجينه، وشعب بلغ سن الرشد لا يمكن أن يعود رضيعاً بوصاية، وشعباً عرف كيف يتكلم لن تتمكن أي آلة من إسكاته، وشعباً تنفس نسائم كرامته لا يمكن أن يتنازل عنها، وشعباً عرف قيمة مقدراته لا يمكن أن يسمح مرة أخرى لتكون مصر (تكية) تنهبها زمرة حاكمة، بينما تلقى للشعب الموجوع الفتات، لقد تغير الشعب المقهور وليعلم رئيس مصر القادم أنه مسؤول عن استعادة كرامة أمة لن يكممها بعد اليوم أحد، أي أحد. • طبقات فوق الهمس: • التاريخ لا ينتظر من يفهمون متأخراً، القطار ينبغي أن يجمع الجميع. (أحمد المسلماني) • على الجزيرة سألوه ماذا تريد من رئيس مصر القادم.. قال: "عايزين ريس يتقي الله فينا" هذه رسالة مطولة لرئيس مصر الذي لا نعرف حتى الآن اسمه، ويارب يتقي الله. • لم أكن أعرف أن (عبدالناصر) مازال يتنفس فينا بكل هذا الزخم والقوة إلا بعد انتخاب الملايين لصباحي!