08 نوفمبر 2025
تسجيل(الآن فهمت ولدي!!) عبارة قالها لي صديقي، وهو يتحدث عن معاناته مع ولده المراهق، والتجارب الطويلة – شديدة القسوة في معظمها – التي خاضها معه، فقلت له: إذا أردت أن تنقل لي خبرتك بعد هذه التجارب، وتسدي إلي معروفا - فابني على وشك الدخول في هذه المرحلة العاصفة، وأنا في شدة القلق منها – فبماذا تنصحني؟ فردَ على الفور: اقرأ، فعندما تأملت المشكلات التي واجهتها مع ولدي، وجدت أنها في الغالب ليست كبيرة بقدر ما هي مستفزة ومزعجة، فالطفل الوديع الذي كان يُلقي بنفسه في حضن والدته، ويطيع كلمتي بمجرد نظرة من عيني - يحبو الآن نحو الرشد والاستقلال، ويرفض الكثير من الأمور الجيدة والمنطقية حتى يؤكد لنفسه ولغيره أنه قد كبر، وصارت له رؤيته الشخصية، فكن حريصا على القراءة في خصائص تلك المرحلة وكيفية التعامل معها. اقترب بحكمة، فقد كنت أرى مشكلات ولدي المراهق كبيرة لأنني قريب جدًّا منه، والعجيب أن كثيراً من الناس يعتقدون أن أبناء الآخرين أفضل من أبنائهم، وما ذلك إلا لأنهم يرون أولادهم من قرب، ويرون أبناء غيرهم من بعد، فإياك أن تجعل قربك منه سبباً في نفوره منك، وانظر إلى إيجابياته كما تدقق في سلبياته. لا تغضب، راجعت نفسي في أسباب غضبي الكثيرة من ولدي وتصرفاته، فوجدت أن معظمها يعود إلى حرصي الشديد عليه، ورغبتي أن يكون أفضل الناس، وخوفي أن يقع في الأخطاء التي وقعت فيها عندما كنت في مثل عمره، وأستطيع أن أقول لك بمنتهى الثقة: (لن تستطيع فعل ذلك)، فالأمر سيأخذ مداه الطبيعي، سيظل المراهق يتعلم من أخطائه أكثر من تعلمه من نصائح والديه. فقلت له مستنكرا: هذه دعوة منك إلى ..! ، فلم أكمل عبارتي حتى قاطعني معتذرا، لا، ليست دعوة لعدم الاكتراث، أو إهمال النصح والتوجيه، ولكن قصدت من ذلك تخفيف درجة الشعور بالمرارة لديك من تصرفاته، وأن تتعامل معه بسعة صدر وحكمة عقل، وأن تتوقع منه الأخطاء وتتقبلها، لكي تستطيع الاستمرار في حسن إرشاده، وهذا لا يعني التوقف عن التواصل معه باستمرار، وحسن الاستماع إليه، وجميل صحبته. تذكر، وأنا أتعامل معه كنت في أمسَ الحاجة لأتقبله، ولكي تتقبل ابنك ينبغي أن تتذكر أنك كنت مراهقا، وكم ارتكبت من أخطاء قد تضحك منها الآن، وأيضا تذكر أن ما يفعله ابنك أمر مؤقت، وبمرور الوقت سيتحسن سلوكه، ويتميز خلقه. فشكرت له جميل نصائحه، وقلت في نفسي: (ولدي، الآن أفهمك).