10 نوفمبر 2025
تسجيلما يرشح من الجدل الليبي الدائر في (الصخيرات) المغربية لا يبشر الشعب الليبي بخير، بل يكشف أن همم المتجادلين في الغرف المكيفة تتقاصر عن فعل التمام المطلوب. وأنه ما زال مطلوبا من الشعب الليبي أن يفتل المزيد من حبال الصبر على المماحكات الجوفاء التي تدور بين متحاورين لا يبدو أنهم في عجلة من أمرهم. متحاورون لا يحسون أن صبر المنتظرين من أبناء شعبهم آخذ في التلاشي مثل تلاشي وطنهم العزيز. ما زالت (الصخيرات) صماء لا تسمع نداءات المشفقين في الوطن الليبي القتيل وقد تحول إلى بطاح من الرمال المتحركة، يتقدم خطوة إلى الأمام، ويتقهقر خطوات إلى الخلف. يراوح في مكانه يوما بعد يوم والمتماحكون في (الصخيرات) صاروا صخورا صماء لا تسمع نداءات المشفقين على مصير وطن تتقاذفه الطموحات الصغيرة يجترحها الذين لم يكونوا حضورا في ساحات المدافعات الدموية ضد نظام الطاؤوس البطر الذي كان ينشر الموت وسط الشباب الغض نضير الذين فتحوا صدورهم الفتية لرصاص ملك ملوك إفريقيا بإقدام نادر وهتافهم الداوي كان ليبيا الوطن الواحد، والشعب الواحد، والمصير المشترك الواحد. يومها لم تكن الأيديولوجيا القاصرة من بعض همومهم الثورية. ولأن ذلك كان كذلك، فقد هانت عليهم دماؤهم، وأرواحهم في سبيل ذلك الهدف النبيل. لم يكن ذلك الشباب الغض بعض كلاب ضالة كما كان يصفهم الطاؤوس البطر في غرور جاهل. انداح كل ذلك الباطل الحنبريت في غمضة وانتباهتها، أبشع الصور جميعا كانت صورة النهاية المهينة التي انتهى إليها ملك ملوك إفريقيا في ساعة من نهار. لقد كان إزهاق الأنفس والأرواح بدم بارد هو ديدن الذين كانوا يتسيدون الساحة الليبية في تلك الأيام المظلمة. عيونهم لم تكن ترى أبعد من مدى أنوفهم المغرورة، ولأن الباطل يطول ولا يدوم، فقد زال ذلكم الباطل وأصبح ذكرى غاشمة تحكيها الأجيال اللاحقة بدموع من دم. بالأسف كله نقول، وفي حلوقنا غصة، أن الذين يتماحكون في الصخيرات المغربية تفوت عليهم أبسط دروس التاريخ القريب التي تقول إن صبر الشعوب قابل للنفاذ. الشباب الليبي الغض الذي فتح صدوره للذخيرة الحية فداء لليبيا الوطن تستحق ذكراه إرثا غير الذي نراه في الصخيرات المغربية يتداوله متحاورون لم يكونوا شهودا ولا وقودا لمحرقة الملك الطاؤوس. صورتان متباينتان، صورة العاجزين عن فعل التمام في الصخيرات، وصورة الشباب الليبي الغض النضير الذي صعد مدارج المجد لا يلوي على شيء من الأشياء الصغيرة، وتتمدد الحسرة في نفوس الذين يشاهدون الصورتين. وبعد: هل تعود ليبيا؟ ذلك سؤال يبدو أن الذي يأتينا من (الصخيرات) أصغر من أن يوفر الإجابة عنه!.