04 نوفمبر 2025

تسجيل

الإخوان.. بين مطرقة أعدائها وسندان التكفيريين

27 أكتوبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما أن تُتبع حرف الراء بالألف بعد اسم الإخوان المسلمين على محرك البحث "غوغل" حتى تبدأ الخيارات الأكثر استخداماً بالظهور: الإخوان المسلمون إرهابيون، الإخوان المسلمون جماعة إرهابية، إرهاب الإخوان المسلمين.. حتى تستنفد جميع التفاعيل المشتقة من كلمة الإرهاب. وصم الإخوان بالإرهاب ليس تهمة جديدة للجماعة، بل هي رافقتها منذ تأسيها في مصر قبل أكثر من ثمانية عقود. ففي معظم المراحل وفي الكثير من الأقطار، كانت تهمة الإرهاب بانتظار الجماعة للقضاء عليها، ومحاولة استئصالها، بالطبع دون الحاجة لانتظار أعضائها كي يرتكبوا جريمة أو مخالفة، يكفي أنهم ينتمون أو يؤيدون "الإخوان". ولعلّ آخر حلقات هذا المسلسل ما شهدناه في مصر قبل أشهر، بعدما أعلن نظام عبد الفتاح السيسي جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لتبرير اعتقال أفرادها ومصادرة أملاكهم، ومداهمة مراكزها، والأهم منعهم من خوض أي انتخابات، للحؤول دون عودتهم مرة جديدة إلى الواجهة السياسية. لم تكن مهمة وصم الإخوان بالإرهاب صعبة. فمن صفوف الإخوان انطلقت معظم تنظيمات السلفية الجهادية، وهذا ليس سراً، كما أنه ليس سراً أن الشيخ أسامة بن لادن بدأ مسيرته الجهادية تلميذاً للشهيد عبد الله عزام قائد المجاهدين العرب في أفغانستان، والأخير هو أحد قادة الإخوان المسلمين. وهذا ربما سبب إطلاق اسم "كتائب عبد الله عزام" على أحد أذرع تنظيم القاعدة في لبنان. كما أنه ليس سراً أن بعض الجماعات التكفيرية استعانت في تأصيل بنيتها الفكرية من مؤلفات كتبها أفراد ينتمون للإخوان كسيد قطب، لكن هذه المؤلفات لم تُعتمد في مناهج الإخوان لمخالفتها النهج الذي تعتمده الجماعة. هذا الواقع لا ينفي أن السلفية الجهادية والجماعات التكفيرية هم أحد أبرز خصوم جماعة الإخوان المسلمين. هذه الحقيقة يأبى بعض المتربعين على عروشهم الإقرار بها رغم معرفتهم بها، ليس حباً بالجماعات التكفيرية، بل رغبة في استئصال الإخوان لما يشكلونه من تهديد للكراسي التي يجلسون عليها، ولإدراكهم أن الإخوان هم الجهة الوحيدة التي يمكن أن تشكل بديلاً عنهم، وهو ما حصل في فعلاً في عدد من أقطار الربيع العربي. بعيداً عن الحملة الإعلامية المبرمجة لشيطنة الإخوان، التي تهمل جميع الإثباتات التي تبرئ ساحة الجماعة من تهمة الإرهاب، فإن المسيرة التاريخية لهذه الجماعة منذ تأسيسها حتى يومنا هذا تشير إلى أنها تؤمن أنّ العنف المشروع في الإسلام هو الجهاد في سبيل الله، ولا يكون إلاّ ضدّ عدو خارجي، أما ما عدا ذلك من مواجهات مسلحة فلا يجوز شرعاً المشاركة فيها. وقد شكل كتاب "دعاة لاقضاة" الذي كتبه في السجن المرشد العام لجماعة الإخوان حسن الهضيبي في ذروة الحملة الإقصائية للجماعة شكل تحديداً للمسار الذي انتهجته في مواجهة الظلم والاستبداد الذي تعرضت له. بل إن المتابع لمسيرة الإخوان المسلمين يدرك أن معظم الانشقاقات التي أصابت جسمها كانت بسبب احتجاج بعض أفرادها على المسار السلمي الذي تنتهجه، ورفضها لاستخدام العنف رغم الاستفزازات والاعتداءات التي تعرضت لها، الأمر الذي اعتبره البعض تخاذلاً وضعفاً. ولعلّ أقسى الانتقادات التي تتعرض لها الجماعة تصلها من جماعات السلفية الجهادية، وآخرها سخرية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في بيان أصدره وصف فيه الإخوان المسلمين بالسذج الذين يستسلمون للخيال، مما أدى إلى سقوط نظام حكمهم في مصر. فربما كان المطلوب من جماعة الإخوان حتى يصفق لها تنظيم الدولة الإسلامية أن يعلقوا أعواد المشانق لكل من يخالفهم، ويهجّروا الأقباط، ويقتلوا كل من لايقبل الخضوع لهم. خصومة الجماعات التكفيرية للإخوان لم تقتصر على الانتقادات والسخرية، ففي بعض المحطات وصلت حد المواجهة المسلحة، كما حصل في قطاع غزة عام 2008، بعدما أعلنت مجموعة سلفية جهادية أطلقت على نفسها اسم جند الله منطقة رفح "إمارة إسلامية"، واتهمت حركة حماس (الجناح الفلسطيني للإخوان) التي تسيطر على قطاع غزة بالتخاذل عن تطبيق الشريعة الإسلامية، والمشاركة في انتخابات في نظام لا يحكم بشرع الله. فلم يكن من سبيل إلا باستئصال هذه المجموعة والقضاء عليها. مفهوم أن تقوم بعض الأنظمة بمحاربة الإخوان المسلمين. فالإخوان لا يخجلون من رسالتهم في الدعوة إلى الله والإصلاح ومحاربة الفساد بالوسائل المشروعة، وهو ما يتعارض مع مصالح هذه الأنظمة الظالمة والمستبدة. لكن المضحك، هو أن يُتهم الإخوان بالإرهاب، من جهات قامت برعاية وتمويل وتعبيد الطريق أمام التنظيمات الإرهابية، فمن الواضح أن هذه الجهات مستعدة للتحالف مع الشيطان على أن ينجح الإخوان في مسيرتهم. ثمانية عقود من المحاربة والتضييق والاعتقال لم تفلح في استئصال جماعة الإخوان المسلمين. ربما حان الوقت كي يدرك خصوم الإخوان أن تعاونهم معها سيفر الكثير من الخلافات والنزاعات، وسيعود بالنفع والخير على الجميع.