12 نوفمبر 2025

تسجيل

الاتصال بعد الانقسام (4)

27 سبتمبر 2023

علاقة القانون التجاري بقانون العقوبات الاتصال بعد الانقسام (4) عرف بعض الفقه قانون العقوبات بأنه «مجموعة من القواعد القانونية تحدد الأفعال التي تعد جرائم وتبين العقوبات المقررة لها». يلعب قانون العقوبات دوراً مهماً في المجال الاقتصادي، حيث يعد الرادع لضبط الممارسات الاقتصادية، وليس فحسب ذلك، بل إنه أيضاً يمثل، جانباً وقائياً للسلبيات التي أفرزتها القوانين التجارية، ففي القرن العشرين توسعت الحقول الاقتصادية حتى سادت ودخلت جميع الفروع، فالاقتصاد يعد حلقة الوصل بين جميع هذه الفروع، أضف إلى ذلك توجد ممارسات تعد تهديدًا للاقتصاد القومي، وبناء عليه كان يتعين تدخل المشرع لحماية الاقتصاديات من عبث العابثين ومن تلاعب المجرمين. ولذا أورد المشرع العديد من النصوص العقابية في القوانين التجارية ذاتية، وأخرى نصوصاً جنائية في قانون العقوبات، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد أفرد قوانين خاصة لمكافحة هذه الممارسات. من المسلم به، أن القانون التجاري قد نظم الأعمال الصادرة من التجار والمنصبة على الأعمال التجارية، ونجد أن القانون ذاته انتقى بعضاً من هذه الأعمال، وقرر لها عقوبات جنائية، وعلى ذلك فقد تدخل لوضع بعض العقوبات جراء مخالفة أحكام ومعاملات القانون التجاري. وعلى سبيل المثال، توجد جرائم متعلقة بالتجار مثل جرائم الإفلاس، والاعتداء على سر براءة الاختراع، وتقليد وغصب العلامات التجارية، علاوة على الاعتداء على الاسم التجاري، بالإضافة لجرائم إصدار الشيك بدون رصيد، وجرائم الشركات والغش التجاري. ومنه نص المادة (68) من القانون التجاري، حيث نصت على أنه «إذا استعمل العنوان التجاري غير صاحبه دون اتفاق يجيز ذلك، أو استعمله صاحبه على صورة تخالف القانون، جاز لذوي الشأن أن يطلبوا منع استعماله، ولهم أن يطلبوا محوه، إذا كان مقيدًا في السجل التجاري، ويجوز لهم الرجوع بالتعويض إن كان له محل. ويعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تزيد على مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين»، كما أن هناك نصوصاً أخرى وردت في قانون العقوبات، فقد نصت المادة (357) من القانون رقم 11 لسنة 2004 بإصدار قانون العقوبات على أنه: «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب بسوء نية أحد الأفعال التالية: أعطى شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك. سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل أو بعضه، بحيث لا يفي الباقي بقيمته. أمر المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه. تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه. ظهّر لغيره أو سلمَّه شيكًا مستحق الدفع لحامله، وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف...» بناء على ما سبق من الأمثلة، نجد أنه هناك علاقة رصينة بين القانونين، وتحمد هذه العلاقة؛ لأنها تضفي الحماية وتضع قيودا للممارسات التجارية.