06 نوفمبر 2025

تسجيل

حتى تكتمل الصورة

27 سبتمبر 2016

لم تكن سوى دقيقة واحدة تلك التي حظيت بها منذ أعوام مضت، حين سخر الله لي ظروف الالتقاء بأخت فاضلة — العذر منها إن خانتني الذاكرة ولم تكن لتُسعفني؛ كي أتذكر ملامح شخصيتها؛ لأذكرها كما يجب — أخبرتني بـ: أن كل ما كنت أفعله في ذاك الحين (ولم يكن محل ترحيب مني)، وكنت أحضر نفسي من أجله على مضض دون أن أدرك حقيقة ما أفعله أو السبب الذي يدفعني إليه، هو ما سيأخذني لاحقاً حيث يجدر بي أن أكون، وأن كل ما كان يتوجب علي فعله هو التحمل والصبر حتى تكتمل الصورة في النهاية. بصراحة كنت قد سمعت تلك الكلمات على عجالة ودون أن أتعمق بها كثيراً؛ لذا سرعان ما مضت في حال سبيلها، وبمجرد أن رحلت صاحبتها عني، ولكن الآن وبعد كل هذه الأعوام وجدت تلك الكلمات وقد تحررت من الأعماق وظهرت على السطح من جديد؛ كي تُذكرني بما مضى، وأدرك أن كل ما قد قالته لي تلك الأخت قد كان صحيحاً، فتلك الأشياء التي كنت أفعلها ولم أكن أعرف السبب الذي حملني على الانشغال بها، لم تكن من فراغ، فهي تلك التي وصلت بي حيث أنا الآن، وحيث أشعر بأني على قمة (ما) سعيدة بها جداً والحمد لله، في حين أن سواي لا يفعل؛ بسبب الفضول الذي ينتابه ويتناوب عليه؛ ليُجبره على معرفة ما قد وصلت إليه من الأصل، ويستحق رداً يروي فضوله الذي أرحب به وسيكون له من خلال هذه الكلمات التي ستصل به حيث ذاك الذي يريد معرفته إن شاء الله، ألا وهي: التعرف على ثقافات جديدة يمنحك فرصة التعرف على (لغات جديدة) تُضفي عليك الكثير، والحق أن هذه الأخيرة تجعلك تحلق في ملكوت آخر؛ لتعيش المواقف ولكن من زاوية مختلفة في كل مرة، بمعنى أنك ستفعل كل ما اعتدت عليه ولكن بطريقة مميزة ستشعر معها كأنك تعيش كل ما سبق لك وأن عشته للمرة الأولى في حياتك، وهو ما لن يدخل ويخرج بشكلٍ خاطف لن تشعر به؛ ليمر من أمامك بهدوء تام وكأنه لم يكن، لكنه ما سيقدم لك خدمة عظيمة ستكون من خلال فك قيودك وتحريرك عن طريق كسر حاجز (المألوف والعادي)، الذي حصرك فيما مضى في مكانٍ واحد دون أن تتمكن من التقدم خطوة واحدة وكما تريد؛ لتفعل من بعد كل ما يحلو لك كما يحلو لك (طالما أنه ضمن نطاق المعقول والمقبول). ومن اللغات الجديدة التي بدأت أتعلمها أو لعلها فُرضت علي مؤخراً (اللغة التركية)، التي صرت أشعر بأن مواقف الحياة بدأت تميل إليها؛ لتخرج مني بعض الكلمات دون سابق إنذار؛ كي تُعلن موافقتي على أمر ما، أو تُلطف الأجواء متى كان الرفض، الذي لا يُقبل بسهولة، ولكنه يهون ويصبح أكثر مرونة متى خرج منا على ظهر كلمة جديدة وغير مألوفة ينشغل بها المتلقي أكثر من انشغاله بالرفض نفسه، ولكم تُثير ضحكاتي تلك اللحظات التي أعيش فيها ذلك، وتحديداً حين تُكلل علامات الاستفهام رأس ذاك المُتلقي، الذي لا يعرف ما يجدر به فعله، فيقبل بالرفض وإن لم يكن ليفعل ذلك عادة. إن ما يحدث مع المتلقي يُحدث في نفسه صدمة تُثير انتباهه متى غفل عن واقعه؛ لانشغاله بأمور أخرى، وهو ذاته ما قد حدث معي مؤخراً حين سمعت في رأسي صوتاً ما كنت لالتفت إليه ما لم يصرخ بكل فرح بكلمة تركية غريبة على قاموس كلماتي وليست مألوفة وهي: Buldum، وتعني وجدته، ولغرابة وقع تلك الكلمة فلقد توقفت عن ذاك الذي كان يشغلني؛ لأوجه كامل تركيزي نحو ما وجدته وكنت أبحث عنه من قبل، وهو الشكل النهائي لتلك الأشياء التي كنت أفعلها فيما مضى وأنا لا أعرف السبب الذي حملني على الانشغال بها من الأصل، لكني أدركت والحمدلله ما كنت أفعله، وهو التقدم بعملٍ حسبت فيما مضى أنه لا يمت لي بصلة، ولكني أدركت مؤخراً أنه يُمثلني وأني قد وُجدت من أجله، وأعتذر لأني لن أخوض في تفاصيله بل اني لن أكشف النقاب عنه حتى حين، لن يحين حتى يأذن الله بذلك، وهو ما سيكون في القريب العاجل إن شاء الله.وماذا بعد؟أعتذر عن هذا التحفظ الذي أقبل عليه من باب المحافظة على الأمر حتى يتم على خير، وهو ما لن أنشغل به كثيراً، فما يستحق مني ذلك فعلاً هو الخروج من رحم كل ما قد ذكرته آنفاً بحقيقة واحدة، وهي ذاتها تلك التي سمعتها منذ زمن وسأكتبها لك؛ كي تهدأ وتتابع حياتك دون تذمر من تلك الأشياء الصغيرة التي تفعلها وتحسب أنها دون فائدة تُذكر: (نعم) قد تمر عليك بعض اللحظات التي تشعر فيها بالعجز عن القيام بأي شيء، فيتغلب عليك ذاك الشعور ويتمادى حين يصل إلى الأشياء التي تحبها، فتشعر بأنك لا تريد فعلها؛ لأنك تعجز عن ذلك، وعلى الرغم من محاولاتك المتكررة؛ لاستعادة ما كان منك من قبل إلا أن العجز يُسيطر عليك؛ لتبدو كل تلك المحاولات التي تُبادر بها شاحبة، مُتعبة، وغير قادرة على الوصول بك إلى مكان تُدركه بشكلٍ جيد، ولكن (لا) لا يجدر بك الاستسلام قبل أن تُكمل الصورة وتعرف شكلها النهائي، الذي سيُسعدك، وستدرك معه ما لم تدركه من قبل، وسيكون لك بإذن الله تعالى متى فعلت كل ما يتوجب عليك فعله كما يجب ودون تذمر.وأخيراًحين ينتهي مشروعي فسيعرف الجميع ما كنت أفعله.