14 نوفمبر 2025
تسجيلما هو متوارد أن مفهوم الحرية بشكل عام يعني تلك الديمقراطية المرجوة، مما يعني أيضاً رفع سقف التعبير وإتاحة المجال للتطرق لقضايا عدة تسمح للتدخلات الشعبية، وقد تكون الحرية جزءاً مطلقاً لدرجة التجرد من الأخلاق والتحرر من المبادئ والقيم، فلنكن أكثر واقعية، فالحرية التي في ظنون البعض هي محدودة ومحصورة على حاجته وبتغافل لحاجات آخرين معه. فالحرية بمعنى آخر، تعتبر مرهونة بقدرتك أنت على توسيع نطاق فكرك ومعرفتك للمفهوم والتي ليست حصراً على حاجتك وحدك!. ومن الجانب الآخر للثنائية فهي إتاحة النقابات التي تنعكس على الحرية من خلال المطالبات الحقوقية وشرعنة السياسات من منظور وقانون الشعب غير المركزي، ويأتي ذلك من خلال الضغط على الحكومة والهيئة التشريعية، هذا باختصار المنظور الثنائي للمفهومين بشكليه الإيجابي والسلبي!. ولكن يجب أيضاً التركيز على أن التطلعات الديمقراطية بحسب الأنظمة السياسية لا تعني بالضرورة نجاحها أو تقدمها على أنظمة حاكمة أو مركزية سبقتها، إذ لا يزال الإصلاح السياسي والاجتماعي قائماً بحسب المعايير والقوانين التي سنتها الدولة لمسألة الإصلاح، فعلى سبيل المثال، على الرغم من ان التجمعات والمعارضات السياسية تأتي بموافقات مسبقة من قبل الدولة، إلا انه لا يزال هناك قنوات استطاع من خلالها القادة المثقفون التعبير عن هموم المجتمع والمطالبة الإصلاحية، والتي لا تنعكس على شكل المظاهرات ولا تعني إقالة رموز سياسية، وهذا اللبس أيضاً وارد في مسألة فهم للمعارضات السياسية، ولكن على العكس تماماً تأتي المطالبات الشعبية تعاضدا مع رؤية رشيدة للدولة وليست ضدها، إنما تكمن المطالبات الإصلاحية لخدمة المواطن في نهاية الأمر من خلال استجواب ومساءلة الدوائر الحكومية المعنية. وعلى الرغم من عدم وجود المظاهرات السياسية، إلا ان المواجهات الاجتماعية ما زالت متاحة وتظهر على شكل تأويل ثقافي وسياسي في منصات التواصل الاجتماعي، بل تعتبر جزءًا من الاستجابة بمحدودية لمطالبات شعبية ولو كانت غير ظاهرة بشكل مظاهرات، ان كانت المظاهرات من ضمن مفهومك للحرية!. استوقف هنا عند اختلاف الوسائل التي يتنفس من خلالها المجتمع لعمليات الإصلاح والتي لم تنتظر الوسيط التفاعلي المقبل كمجلس الشورى، إذ من المفترض أن يكون التصور لمجلس الشورى كامتدادات واسعة لآفاق مستقبلية تعمل للصالح العام، فالمجلس ليس بالضرورة وجهة إصلاحية فقط، إنما يظل المكان الشعبي الموعود لطرح البرامج، وتحقيق التوازن الفكري وتشخيص الموضوعات بصورة أكثر منطقية، لذلك، ما يتوقعه المجتمع من المجلس هو الاجتهاد في تفعيل الدور المدني والالمام التام بالقضايا الاجتماعية والمشاريع الاستراتيجية؛ حتى يساهم في طرح التوصيات والمقترحات التي تلائم الإشكالية أو المشاريع المستهدفة. وهذا بحد ذاته يقع تحت مفهوم الحرية وارتباطها بالمجلس من خلال تعددية الآراء وعدم سيطرة وتحكم رأي من خلال الاستغناء عن الآراء الأخرى، فهذه مصداقية يعمل عليها مفهوم الحرية أكثر من تضييق مفهومها على ما هو ممنوع أو بلا قيم أو مبادئ لا تتماشى مع الشورى كديمقراطية مستقبلية لمجتمع عقائدي إسلامي. خلاصة الأمر أنه لا شيء يضمن الحرية، خاصة إن كانت الشورى لا تستجيب للمطالبات الإصلاحية من خلال تعددية الآراء والحفاظ على التوازن الفكري والمنطقي في عمليات الطرح، فلن تكون ثنائية ناجحة أو مرتقبة. يجب عدم الاعتماد على ما هو مستقبلي، إن لم نفهم سير الاصلاحات في الحقبة المعاصرة، إذ تظل القيادة الرشيدة لها الدور البارز في دعم حريات التعبير مع النظر في تطلعات تمنح المشاركة الشعبية على نطاق أوسع وأكثر من تلك المواجهات الاجتماعية المحدودة على منصات التواصل الاجتماعي في حقبتها الحالية. فالسؤال الأسمى هنا يكمن بالماهية، ماذا نريد من الشورى، وما مساعينا من الحرية التي تأتي معها؟. [email protected]