15 نوفمبر 2025
تسجيلنواصل وقفاتنا مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم. ونصل إلى قوله تعالى (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) {28} (ذلك) (بأنهم) أي بسبب أنهم (اتبعوا ما أسخط الله) من الكفر والمعاصي (وكرهوا رضوانه) أي ما يرضاه من الإيمان والطاعة حيث كفروا بعد الإيمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعوا من المعاملة مع اليهود (فأحبط) لأجل ذلك (أعمالهم) التي عملوها حال إيمانهم من الطاعات أو بعد ذلك من أعمال البر التي لو عملوها حال الإيمان لانتفعوا بها. ● قوله (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) {29} (أم حسب الذين في قلوبهم مرض) هم المنافقون الذين فصلت أحوالهم الشنيعة وصفوا بوصفهم السابق لكونه مدارا لما نعي عليهم بقوله تعالى (أن لن يخرج الله أضغانهم) والأضغان جمع ضغن وهو الحقد أي بل أحسب الذين في قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين أنه لن يخرج الله أحقادهم ولن يبرزها لرسوله (صلى الله عليه وسلم) وللمؤمنين قتبقى أمورهم مستورة والمعنى أن ذلك مما لا يكاد يدخل تحت الاحتمال. ● قوله (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) {30} (ولو نشاء) إرامتهم (لأريناكهم) لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متاخمة للرؤية والالتفات إلى نون العظمة لإبراز العناية بالإرادة (فلعرفتهم بسيماهم) بعلامتهم التي نسمهم بها. وعن أنس - رضي الله عنه – " ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا على كل واحد منهم مكتوب هذا منافق " وأما ما في قوله تعالى (ولتعرفنهم في لحن القول) ولحن القول نحوه وأسلوبه أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية ومنه قيل للمخطئ لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب (والله يعلم أعمالكم) فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وإيذان بأن حالهم بخلاف حال المنافقين. ● قوله ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) ونبلوا أخباركم {31}) (ولنبلونكم) بالأمر بالجهاد ونحوه من التكاليف الشاقة (حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) على مشاق الجهاد علماً وفعلياً يتعلق به الجزاء (ونبلوا أخباركم) مايخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها أي ونحن نبلوا. ● قوله(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعدما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئاً وسيحبط أعمالهم) {32}) (إن الذين كفروا وصدوا) الناس (عن سبيل الله وشاقوا الرسول) وعادوه (من بعدما تبين لهم الهدى) بما شاهدوا نعته عليه الصلاة والسلام في التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر (لن يضروا الله) بكفرهم وصدهم (شيئاً) من الأشياء أو شيئاً من الضرر أو لن يضروا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمشاقته شيئاً وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته (وسيحبط أعمالهم) أي مكايدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى ومشاقة رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم. ● قوله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) {33}) (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) بما أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر. ● قوله (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم {34}) (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) حكم يعمم كل من مات على الكفر وإن صح نزوله في أصحاب القليب.