10 نوفمبر 2025
تسجيلليت السعادة تشترى بالمال.. ولنسأل كم كان سيبلغ سعر السعادة لو أنها سلعة قابلة للبيع والشراء؟ لا أدخل في نطاق جدلي، ولكن الحقيقة أننا حينما نصبح في ذيلية الشعوب التعيسة أو دون المتوسط فلابد وأن يثير ذلك كثيرا من الشجون حول واقعنا العربي الذي يفتقد السعادة ويضل الطريق إليها، في وقت كان يجب أن نكون فيه أكثر شعوب العالم سعادة وشعورا عميقا ودافئا بها.سخونة والتهاب منطقتنا العربية تخصم كثيرا من رصيد السعادة في داخلنا، وحتى حينما لا نصاب بعدوى الحروب والتمزق الوطني، فإننا ولا شك نستشعر مصائب إخوتنا في كل بلد عربي لا يجد حظه من السعادة، وينتقل من "جرف إلى دحديرة" سواء لعامل سياسي أو اقتصادي، فأخوتنا الحقيقية تحرمنا أن نهنأ بالسعادة فيما غيرنا يمسي ويصبح على الموت والانفجارات، وذلك غير القدس وفلسطين المستباحة.في القوائم السنوية لمؤشر السعادة العالمي، التي تبدو من منظور ما أنها ترفية ورفاهية، تصدرت سويسرا النسخة السنوية الثالثة من المؤشر الذي تعده شبكة حلول التنمية المستدامة وتلتها كل من أيسلندا والدنمارك والنرويج وكندا، فيما كانت أقل شعوب العالم سعادة هي شعوب توغو وبورندي وبينين ورواندا وسوريا.وجود سوريا في ذيل القائمة مؤلم للغاية وقبلها بقليل يمكن تصوّر وجود أكثر من بلد عربي، وذلك أمر لم يكن ليحدث لو أننا تسامينا على مجريات الواقع واعتلينا بقيمة الأوطان وقيم الوطنية والاستقرار، وكلما ازدادت ثقوبنا الوطنية تسربت السعادة من تلك الثقوب، فالرصاص يخترق أعتى جدر الحماية والصد فما بالك بجدر هشة وقابلة لأن تنهار بسرعة.الدراسة التي انتهت إلى تحديد درجة سعادة الشعوب اعتمدت في تصنيف الدول على الاستطلاعات التي تجريها مؤسسة غالوب، وتأخذ بنظر الاعتبار عوامل متغيرة كثيرة منها الناتج الاقتصادي الإجمالي لكل شخص من سكان كل بلد، وطول العمر، ومستويات الفساد والحريات الاجتماعية، وتشير إلى أن السعادة أصبح ينظر إليها بشكل متزايد باعتبارها المعيار الحقيقي للتقدم الاجتماعي وهدف السياسات العامة.وبالفعل السعادة هدف للسياسات العامة، وهي بتعبير آخر الرفاهية التي يجب على الدولة توفيرها للمواطن، وذلك ما تحقق في دول الخليج التي تتمتع بأوضاع اقتصادية مناسبة، ولكن هناك سوء سياسات في إدارة موارد بقية الدول العربية أفسد نمط الحياة، فتراجعت في المؤشر وتحولت من الأسعد إلى الأتعس.