07 نوفمبر 2025

تسجيل

الاعتراف بدولة فلسطين بعد طوفان الأقصى

27 مايو 2024

أصبح عدد الدول التي تعترف بفلسطين 147 دولة مع اعتراف 3 دول أوروبية هي إسبانيا والنرويج وإيرلندا رسميا بدولة فلسطين، وقد حددت الدول الثلاث يوم 28 مايو باعتباره اليوم الذي ستعترف فيه بشكل مشترك بفلسطين، وقد أعلنت كل من مالطا وسلوفينيا استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين مما يعني أن هناك جولة أخرى قادمة من الاعترافات الرسمية بفلسطين. وتأتي هذه القرارات بعد أن أدانت المحكمة الجنائية الدولية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان المستمر منذ 7 أكتوبر. ثم تلا ذلك قرار من محكمة العدل الدولية يطالب الاحتلال الإسرائيلي بوقف عدوانه على مدينة رفح وإدخال المساعدات لكل مناطق القطاع. ونشير هنا أن اعتراف هذه الدول الأوروبية بدولة فلسطين رسميا وصدور هذه الإدانات من أعلى المحاكم في العالم ضد الاحتلال قد جاء ثمرة لنضالات المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني خلال الـ 230 يوما الماضية ويتوقع أن يثمر هذا الصمود الاستراتيجي مزيدا من الثمار في قابل الأيام. وردا على اعتراف الدول الثلاث بفلسطين انتقلت دولة الاحتلال إلى حالة هستيرية أظهرت وجهها الحقيقي حيث أعلن الاحتلال عن قرارات منها فك الارتباط مع السلطة في شمال الضفة، ورفض وزير المالية الاسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تحويل عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية كما بدأ وزراء في الحكومة الإسرائيلية الهجوم على الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، وهذه الأمور تزيد من عزلة الاحتلال وتعمق مأزقه دوليا. ويعتقد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتبرت أن هذه القرارات اتخذت بشكل أحادي من هذه الدول ضد رغبتها فردت بخطوات أحادية تضعف السلطة الفلسطينية وتزيد من حركة الاستيطان في الضفة الغربية، وهذه الخطوات تؤكد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تؤمن يوما بحل الدولتين وهذا يظهر الوجه الحقيقي للاحتلال. كما أنه يجعل دولة الاحتلال في مسار تصادمي مع هذه الدول. إن الدول الجديدة المعترفة بالدولة الفلسطينية هي دول أوروبية وبعضها أعضاء في الاتحاد الأوروبي وبعضها يملك استثمارات في دولة الاحتلال وهذا يعطيها ثقلا أكبر. ولذلك هي ليست إضافة أرقام إلى الدول المعترفة بفلسطين رسميا. كما أن بعضا من هذه الدول لديها استثمارات كبيرة في دولة الاحتلال وعلى سبيل المثال هناك تفكير لدى صندوق الثروة السيادي في النرويج بإعادة النظر بسندات وأسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في دولة الاحتلال الإسرائيلي. وقد قامت إيرلندا بفعل مشابه قبل عدة أشهر كما يمكن أن تفعل أسبانيا أمورا مشابهة في ظل التوتر القائم. إن حالة الدول المعترفة بفلسطين بعد طوفان الأقصى تختلف عن الدول التي اعترفت بفلسطين بعد اتفاقية أوسلو حيث إن الدول الجديدة باتت تدرك طبيعة الحق الفلسطيني بشكل أوضح وتدرك الوجه الحقيقي للاحتلال ولا تأتي هذه الاعترافات على أرضية تسوية القضية بهضم حقوق الشعب الفلسطيني بمنطق موازين القوة. ومع ذلك لا يزال سقف الاعترافات هو حل الدولتين الذي ضربت به إسرائيل عرض الحائط ولكن لا يقلل هذا من أهم السعي لتطوير مواقف هذه الدول. هناك نقطة مهمة جدا هنا أيضا وهي أن هذه الدول يوجد فيها سقف داخلي أعلى من الاعتراف يمكن أن يفتح الباب لمزيد من الخطوات وهنا نذكر على سبيل المثال أن نائبة رئيس الحكومة الإسبانية أعلنت بوضوح أن الفلسطينيين سيستعيدون أرضهم من النهر إلى البحر وسيحررون بلادهم ويعودون إليها. ويضاف لما سبق أن قيام هذه الحكومات بهذا الفعل يشجع الحراكات في بلدان أخرى لازالت حكوماتها مترددة أو تتخذ موقفا أقل من هذا المستوى وهذا يقودنا أيضا لتوقع انضمام مزيد من الدول لعملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. إن الدول الجديدة المعترفة بالدولة الفلسطينية قاومت بهذا الفعل بهذا التوقيت ضغوطا كبيرة عليها وخاصة من الإدارة الأمريكية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي، وقد حثت هذه الدول المزيد من الدول أن تحذو حذوها ولا يستبعد أن تتبعها المزيد من الدول. إن معركة طوفان الأقصى عمقت مأزق الاحتلال الإسرائيلي ومعضلته، وسيضطر الاحتلال للدخول في مشكلات وصراعات مع هذه الدول وسيخسر أكثر وستنضم دول أخرى وستزيد ورطة الاحتلال إلى مستوى لن يستطيع تحمله وهذا كله يصب في مسار مشروع التحرر الفلسطيني.