16 نوفمبر 2025

تسجيل

قـــــــطـــــــر "وَطَـــــــــــــنُ الحــــُــــــــبّ "

27 مارس 2014

دون الشعراء قديمهم وجديدهم قصائد بل معلقات في لواعج الحب.... في الهجر... في العذول.. في العتاب...في الفراق... بل الغدر.....ولعلّ أشدها إيلاما تلك التي بكت وأبكت وضجّت أنينا بغدر المحبوب بل وقتلت فرسانا محنكين، أتعلمون لماذا؟ لأنه حب قام على غير قاعدة! على غير إخلاص! قام على "الحب من طرفٍ واحدْ".علاقة الحب بين فردين هي ذاتها بين الحاكم والمحكوم الفرق الوحيد ان الحب في الثانية له ضمير جمعي وهو بذلك إما أن يكون مصدر قوة ونفوذ، أو أن يكون مكمن ضعف وهزيمة، لذلك فإننا نتوخى فيمن طالت معلقاته الشعرية في وصم "ضميره الجمعي" بالغدر أوالفرقة أو الخيانة، ولمن شعر أن حبيبه المقرب قد خان لحمته، نتوخى منه أولا أن يتفحص حقيقة حبه سلفا، لأن الحب ّعطاء وتبادل، فلعله أخذ دون أن يعطي، أو أخذ وغدر، أو انتشى بزهو انتصار على حساب كرامة حبيبه.... فحق لحبيبه أن يهجره أو يعقّه. فلا جرح أدمى من جرح الكرامة... ولا أقسى من هدر كرامة الشعوب. والمثل العربي يقول: "كما تدين تدان".هنا في "مدينة الحب" ترعرعنا نحن وقادتنا على مفهوم آخر.....إنه الحب المتبادل، الحب من طرفين، لذلك كان حريا بنا أن تدغدغ مسامعنا تلك الدعوات الجميلة التي قدّمت حتى في دعائها "الضمير الجمعي" على الذات رغم كونها الذات الحاكمة بالقول:"اللهم اجعلنا من الذين تحبنا شعوبنا ونبادلها حبَاً بحبٍّ."اتشرف بأن أبدأ بأجمل ما ختم به سمو أميرنا خطابه السديد في افتتاح القمة العربية الخامسة والعشرين في الكويت وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم».لقد جاء خطاب سموه في افتتاح القمة شاملا جامعا وسديدا وبلغة واعية ونافذة في العمق الاستراتيجي العربي وحمل مفاهيم بل وآليات عمل واقعية لتحقيق ما جاء في شعار القمة الذي نص على «التضامن من أجل مستقبل أفضل»،ولعل الخطاب أكّد وباختصار على ان رئاسة دولة قطر للقمة "في ظل ظروف دقيقة وتعقيدات إقليمية ودولية بالغة الحساسية" كانت بالنسبة لقطر رسالة وأمانة، وجاء دور سمو الأمير تميم مكملا لدور سمو الأمير الوالد فكان المتمم فأدى الأمانة وسلم الرسالة بمهارة واقتدار داعيا سموه الى توخي متطلبات ضرورية تحتمها الظروف الراهنة وطبيعة تشكل المجتمعات وما تقتضيه المحافظة على نسيجها وهي على التوالي: "الحكمة والتروي والتعاون المخلص بين الجميع"، و"ضرورة نبذ التعصب والطائفية والجهوية على أنواعها" و"تثمين التنوع الذي يغني مجتمعاتنا لتبقى المواطنة أساس الانتماء لدولنا."ومؤكدا وسط هذا المحفل العربي ايضا على "الوحدة الخليجية " وضرورة تطوير تجربة مجلس التعاون الخليجي والارتقاء بها لتلتقي مع طموحات شعوبه،" ومشددا على أهمية مساهمة المجلس في تعزيز قدرات الأمة العربية كلها، ليصبح ركناً من أركان نهضتها."هناك جملة من المحاور في خطاب سموه جديرة بالتناول وسأقف حتما في مقال ثانٍ عند قضيتين تناولهما الخطاب الأولى تتناول مفهوما دخيلا على البعد العربي — العربي أو الخليجي — الخليجي، والثانية تتناول قضية العرب والمسلمين الأولى.ولكنني أعود وأؤكد أن التناول هنا قد فرض نفسه فلا يستطيع احد منا حضر الخطاب إلا ان يترجل اعجابا بتوظيف هدي المصطفى "صلى الله عليه وسلم" في أسس العلاقة بين الحاكم والمحكوم ونتائجها والنصح والدعاء به مبتدئا بالنفس، وإعجابا بإرساء دعائم "ثقـــــافــــة الحـــُـبّ " التي أكد عليها سموه في محفل عربي مهم في وطن تعلمنا منه لا أن نحب أئمتنا وولاة أمورنا فحسب بل تعلمنا كيف نحبهم، هذا وقد عرفنا فيه سلفا كيف"يحبوننا"، وتعلمنا حتما ألاّ نكره، بل أن تطول قائمة الحبّ لدينا لتسعَ جيراننا، بل لتشمل سابعَ جار... فحق لقلوبنا ان تتبادل المحبة وحق لأكفنا أن تتضرع لنا ولهم بالدعاء، وشاء للحب لدينا ان يثمر خصوصا في ظل ظروف فتك فيها لدى البعض "خطـــابُ الكراهــيـــة" ووجد في بعض ٍ من عليته من يغذيه في اللحمة الواحدة والبيت الواحد حتى وصم من يفترض ان يكون محبّا حبيبه الأقرب "بالعــــدوّ".. وحوّل أجمل مواطن الحب الى أوكار كراهية فجرح ضميره الشعبي الجمعي، ولله در جرح المرء لضميره فهو أوقع.وقديما قال العرب: "ومن الحبّ ثبات وحياة وممات"وقانا الله وخيار محبوبينا شرّ العواذل.........