08 نوفمبر 2025
تسجيلزمان.. حينما كان يمر تاريخ 25 يناير، لم نكن نشعر بأن هذا التاريخ سيمثل لنا يوماً منعطفاً خطيراً في تاريخ مصر وفي تاريخ الأمة العربية ككل، وربما فكر أكثرنا أنه يوم يقترب من يوم استحقاق الرواتب الشهرية، لكنه اليوم يمثل لنا العزة التي سطرت تاريخ المحروسة بحروف من نور، يحاول انقلابيون ومغرر بهم أن يحولوها إلى ثورة أنهت حكم مبارك وانتهت!.. هكذا بكل بساطة، وكأن كل ما عقب هذه الثورة هو مجرد لواحق غير مهمة لأحداث ذهب فيها أغلى شباب مصر، رغم كل الدماء التي سالت ولا تزال تسيل على جنبات طرق مصر!.. وبالأمس كانت الذكرى الرابعة لثورة لم تنته بعد!.. لثورة أسقطت مبارك ورموز نظامه في عام 2011 لكنها أعادته عام 2015 مع رفقاء السوء معه، على شكل انقلاب على شرعية الصناديق الانتخابية التي أتت بمرسي رئيساً لمصر، وعلى إثرها يقود السيسي اليوم شعباً ثار منه بالأمس هاتفاً (كما كان يناير 2011 هو البداية ليكون السيسي حاكماً فإن يناير 2015 بإذن الله سيكون البداية لإسقاط نظام قام على باطل ويجب أن يسقط بالحق)! ولذا فإن تحية عبدالفتاح السيسي لثوار يناير 2011 تحية ممزوجة بالفخر، لأنهم بطريقة ما أوصلوه إلى ما نراه اليوم كرئيس للمحروسة، لكنه يحاول بشتى الطرق أن يقضي على ثورة يناير 2015، لأنها ثورة تهدف لإسقاطه وبالتالي إسقاط نظام مبارك الذي خرج بريئاً من كل جرائمه!! ومازلنا حتى هذه اللحظة نشهد قتل الأمن لأحرار مصر وحرائرها، بل إن الأمر تعدى ليكون من بين القتلى أطفال لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم!.. وعليه فإن تاريخ الأمس يجب ألا يمر مرور الكرام على المصريين وعلى العرب جميعاً، فإن لديهم قضية لم تغلق ملفاتها بعد، وهناك شعب يقتل رغم المظاهرات السلمية التي ينادي بها من كل محافظة في مصر، ولعل الأمس كان شاهداً على أن هناك من الشعب من لا يزال يؤمن بأن (يناير) يجب ألا يطوى قبل أن يسترد هيبته، التي جعلت ميدان التحرير آنذاك منارة الثورات، وظن العالم أن المصريين عليهم أن يرتاحوا اليوم من حكم العسكر ومن جبروت العسكر ومن طغيان العسكر، وأن مكانهم الوحيد في الثكنات وعلى الحدود وحماية البلاد والعباد، وليس ما انقلب على الشعب اليوم من حاضر يجب أن يتغير في مصر وبيد المصريين وحدهم! مصر يجب أن تعود لكنها العودة الأغلى في تاريخها.. العودة التي يجب أن تكون حاضنة فيها لكل العرب ليتقبلها كل العرب أيضاً، ومع الأحداث المؤسفة التي نراها كل يوم من هدر للدم المصري، لا يمكن أن يتقبل أكثرنا أن تستمر حكومة السيسي بسياسة القمع والبطش والاعتقالات، التي باتت اللغة السائدة في تعامل الأمن مع المتظاهرين، وتكدس المئات في الزنازين للأسف دون مراعاة لصغير أو كبير، ولعل هذا ما نوهت به واشنطن في تعليقها على ما جرى في الذكرى الرابعة لثورة يناير في مصر، حينما ذكر الناطق الرسمي للبيت الأبيض أن قوات الأمن المصرية تتعامل بقمع مع المتظاهرين وأنها تراقب بقلق ما يجري هناك، وتتابع التقارير التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان، حول الحصيلة المتتالية لقتلى مظاهرات يناير في مصر تحديداً، رغم أننا لا نحتاج لواشنطن أو غيرها لتؤكد لنا أن السيسي يمارس سياسة قمعية دموية بحق رافضي الانقلاب، وأن ترنح القضاء منذ الانقلاب زاد في الميلان والاعوجاج، وهذا بفضل ما تبثه التسريبات المعيبة والخطيرة لمكتب السيسي، مما يؤكد حجم المؤامرات التي تحاك مع القضاء لتبرئة من يريدونه واتهام من يريدون له أن يبقى مسجوناً أو حتى أن يحكم عليه بالإعدام أيضاً، لكني على ثقة بأن هذا الانقلاب إلى زوال إن شاء الله، وأن كلمة الحق وإن طال وقت إطلاقها ستنطلق وتشق عنان الباطل.. المصريون وحدهم يستطيعون أن يطلقوا حناجرهم بها.. وإنّا لمنتظرون! فاصلة أخيرة:مصر.. حروف الإصرار من اسمك ونحن نعلم انك مصرة على حريتك فلا تتأخري علينا!